احجام الجمهور الشيعي عن تحديث سجلاته الانتخابية امام اقبال المكونات الاخرى

​​

يهدف هذا التقرير إلى تقديم تحليل مقارن معمق لعمليات تحديث سجلات الناخبين وتوزيع البطاقات الانتخابية في العراق، بالاستناد إلى البيانات المتاحة من المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، ودمجها مع نتائج انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023، ومعطيات التعداد السكاني لعام 2024. يكشف التحليل عن تباين واضح في مستويات المشاركة في تحديث السجلات واستلام البطاقات الانتخابية بين المكونات الديموغرافية الرئيسية في العراق، وهي الشيعة والسنة والأكراد.

تُظهر النتائج أن معدلات تحديث سجلات الناخبين واستلام البطاقات الانتخابية في المناطق ذات الأغلبية السنية والكردية تفوق نظيرتها في المناطق ذات الأغلبية الشيعية، وهو ما يتجلى بوضوح في نسب المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة. فبينما سجلت محافظات مثل كركوك والأنبار ونينوى وإقليم كردستان نسب مشاركة مرتفعة نسبياً، شهدت محافظات جنوبية ووسطى ذات أغلبية شيعية، بما في ذلك بغداد المختلطة والتي تضم اكثر من 9 مليون نسمة اكثر من 68% منهم شيعة، معدلات مشاركة منخفضة بشكل لافت.

لا يقتصر هذا التباين على الجوانب اللوجستية لعملية التحديث، بل يعكس عوامل أعمق تتعلق بالديناميكيات السياسية، ومستويات التعبئة الحزبية، وربما درجة الثقة في العملية الانتخابية لدى مختلف الشرائح السكانية. إن النسبة المنخفضة الإجمالية لتحديث السجلات على مستوى العراق، والتي لا تتجاوز 4.6% من إجمالي الناخبين المؤهلين، تعني أن أي تباين في معدلات التحديث بين المكونات الأساسية سيكون له تأثير مضاعف على نفوذها السياسي.

تُعد حالة مجلس محافظة بغداد خير مثال على كيفية تأثير العوامل السياسية، مثل مقاطعة التيار الصدري للانتخابات، على خفض نسبة المشاركة الشيعية بشكل كبير في محافظة مختلطة ديموغرافياً. فقد أظهر تراجع الجمهور الشيعي عن قرار الاقتراع تغيرا ملحوظا في التوازن بين المكونات داخل مجلس المحافظة بما اعطى مكونات أخرى فسحة من الامل بان يعتلوا صهوة جواد السلطة قريبا.

يخلص التقرير إلى أن استمرار هذه الفروقات في تحديث السجلات والمشاركة الانتخابية قد يؤدي إلى تحولات في موازين التمثيل في الانتخابات النيابية المقبلة، حيث قد يتراجع التمثيل النسبي للمكون الشيعي ويرتفع للمكونات الأخرى. كما يقدم التقرير توصيات مهمة لتحقيق التوازن.