top of page

جفاف الأهوار في العراق نداء الطبيعة المنسي وناقوس خطر

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 28 يوليو
  • 2 دقيقة قراءة

سيدة من الأهوار تبكي مسكنها!
سيدة من الأهوار تبكي مسكنها!

بارومتر العراق/ فريق المتابعة الإخبارية-

تواجه الأهوار العراقية، أحد أبرز الكنوز البيئية والثقافية في منطقة الشرق الأوسط، أزمة وجودية تهدد مستقبلها القريب. بعد سنوات من التراجع التدريجي، وصل مستوى الجفاف في أهوار جنوب العراق اليوم، إلى مستويات غير مسبوقة، وسط تحذيرات من منظمات دولية وبيئية بأن ما يحدث اليوم في هذه المناطق ليس مجرد انحسار موسمي، بل انهيار تدريجي لمنظومة بيئية فريدة من نوعها. فاقمته سياسية ادارة الموارد في العراق والتي تفضل ان تذهب مياه الأمطار شتاءا إلى البحر بدل تحويلها إلى الأهوار او بحر النجف على سبيل المثال لا الحصر.

الكارثة التي تحصل الان في محافظات ذي قار وميسان والبصرة، التي تحتضن كبرى مناطق الأهوار مثل الحويزة والهور الكبير وهور الحمار، باتت مساحات شاسعة من الأراضي المغمورة سابقاً بالمياه أراضٍ جافة لا أثر فيها لمياه أو حياة. الصور الملتقطة عبر الأقمار الصناعية، بما فيها تلك التي وفرتها وكالات مثل وكالة ناسا، أظهرت تراجعًا مهولًا في الغطاء المائي خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث تقلصت المسطحات المائية بنسبة تزيد عن 80٪ مقارنة بفترات الذروة في سنوات التسعينات.



صورة جوية للأهوار!
صورة جوية للأهوار!

ويتفق الخبراء على أن أسباب هذه الكارثة متعددة، في مقدمتها التغير المناخي العالمي الذي أدى إلى انخفاض معدلات الأمطار وزيادة درجات الحرارة، ما تسبب بارتفاع التبخر وانخفاض تدفقات نهري دجلة والفرات. كما ساهمت السياسات المائية الإقليمية، لاسيما بناء السدود الضخمة في دول المنبع كتركيا وإيران، في تقليص كميات المياه المتدفقة إلى الأهوار العراقية، مما أدى إلى تراجع منسوب المياه إلى مستويات حرجة.

ليست هذه المرة الأولى التي تواجه فيها الأهوار العراقية جفافًا، فقد شهدت المنطقة خلال تسعينات القرن الماضي تجفيفًا منهجيًا من قبل النظام السابق، ما تسبب في كارثة إنسانية وبيئية غير مسبوقة. إلا أن ما يميز الأزمة الحالية هو أنها ناتجة عن تضافر عوامل طبيعية وهيكلية ممتدة، ما يجعل معالجتها أكثر تعقيدًا وتتطلب استجابة متكاملة طويلة الأمد.

جاموسة تبد عليها آثار الجفاف الذي لف الأهوار
جاموسة تبد عليها آثار الجفاف الذي لف الأهوار

الآثار المترتبة على هذا الجفاف كارثية بكل المقاييس. فقد فُقدت أجزاء كبيرة من التنوع البيئي الذي كانت تتميز به الأهوار، بما في ذلك الطيور المهاجرة والأسماك والنباتات المائية، في حين اضطر الآلاف من سكان الأهوار، الذين يعتمدون على الصيد وتربية الجاموس، إلى النزوح بحثاً عن مصادر رزق بديلة في مناطق حضرية. كما تسببت موجات الغبار الناجمة عن التربة الجافة والمالحة في تفاقم الأمراض التنفسية، خاصة بين الأطفال وكبار السن.

ورغم هذه الصورة القاتمة، لا يزال هناك أمل في عكس مسار الكارثة، شريطة اتخاذ خطوات استراتيجية وجادة. ومن بين أبرز الحلول المقترحة على المستوى الوطني والدولي، ضرورة إعادة التفاوض مع دول الجوار بشأن حصص العراق المائية، وتحسين البنية التحتية لشبكات الري لتقليل الهدر المائي. كما تدعو اليونسكو وجهات بيئية أخرى إلى تنفيذ برامج ترميم بيئي للأهوار باستخدام المياه المعالجة أو اعتماد سياسات زراعية صديقة للمناطق الرطبة.

رجل مسن وابنه في مشحوف مهجور بالهور
رجل مسن وابنه في مشحوف مهجور بالهور

في هذا السياق، يمكن للبرامج التنموية أن تلعب دورًا حاسمًا، من خلال رفع وعي المجتمع والسلطات بأهمية الأهوار، وتسليط الضوء إعلاميًا على الصلة الوثيقة بين البيئة المستدامة والسلام الاجتماعي. فحماية الأهوار لا تتعلق فقط بصون الطبيعة، بل أيضاً بضمان العدالة المائية، والحفاظ على التراث الثقافي، وتمكين المجتمعات من التكيف مع التغيرات المناخية.

إن جفاف الأهوار العراقية ليس مجرد أزمة بيئية؛ إنه إنذار مبكر لانهيار منظومة بيئية واجتماعية بأكملها. وإذا لم تُتخذ إجراءات فورية ومدروسة، فإن العراق سيخسر أحد أهم معالمه الطبيعية، وسيفقد شعب الأهوار جزءاً من هويته وتاريخه المتجذر في الماء والقصب.

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page