ازدواجية الإعلام الدولي: عندما تُلمَّع صورة الإرهاب وتُشوَّه صورة الحشد
- KDTS

- 21 أغسطس
- 2 دقيقة قراءة

بارومتر العراق: كتب كرار السراي -
من المفارقات التي تستوقف كل من يتابع المشهد الإعلامي الدولي، تلك الازدواجية الصارخة في التعامل مع قضايا الإرهاب والمقاومة في المنطقة. ففي الوقت الذي تتسابق فيه بعض المنابر الإعلامية الكبرى ـــ ومن بينها مونتي كارلو الدولية ـــ لتسويق روايات مشبوهة تهاجم الحشد الشعبي في العراق، وهو التشكيل الذي حمل عبء تحرير الأرض من داعش وقدم آلاف الشهداء دفاعاً عن القيم الإنسانية والوجود الوطني، نجدها في المقابل تصمت، بل وتلمّع، صورة أذرع داعش في سوريا التي تحوّلت بقدرة قادر وبفضل خطاب إعلامي دولي إلى ما يشبه “حكومة أمر واقع” يقودها أبو محمد الجولاني.
الإعلام الذي يرفع شعار حقوق الإنسان، ويزعم الدفاع عن الحرية، يغض الطرف عن جرائم موثقة يرتكبها الجولاني ومسلحوه: قتل، تهجير، اعتداء على الأقليات، وانتهاك للمحرمات. كل ذلك يتم التغطية عليه بخطاب “مؤنسن” يصوّر هذه الجماعات على أنها “معارضة” أو “سلطة بديلة”، بينما الحقيقة أنها امتداد مباشر للعقلية الداعشية، وإن غيّرت الشعارات أو عدّلت المظهر الخارجي.
الأغرب أن العالم لم يعد يتحدث عن معاناة السويداء، أو عن ما يتعرض له الشيعة في سوريا من تقتيل واستباحة، وكأن هناك قراراً غير معلن بإسكات أي صوت يفضح هذه الجرائم. وهنا يظهر السؤال الأخلاقي الكبير: ما قيمة حقوق الإنسان إذا كانت تخضع لانتقائية سياسية وإعلامية؟
إن سوريا اليوم تعيش انتقالاً مأساوياً من إرهاب الأسد ـــ المرفوض دولياً ـــ إلى إرهاب آخر “مقبول دولياً” يديره الجولاني تحت رعاية مرتزقة أجانب وتكفيريين، بينما يلتزم الإعلام الصمت المريب أو يساهم بشكل مباشر في صناعة الصورة المضللة.
مونتي كارلو، ومن على شاكلتها من وسائل الإعلام الغربية، تقدم نموذجاً صارخاً لهذا الانحراف. فهي تخصص ساعات بث طويلة لتقديم الجولاني كفاعل سياسي “شرعي” له مشروع في سوريا، متجاهلة أن الرجل خرج من رحم الفكر التكفيري، وأنه لا يزال يؤمن بوجوب قتل كل من لا ينتمي إلى عقيدته. إن هذا النهج الإعلامي لا يكتفي بتزييف الوعي، بل يسهم في صناعة شرعية مزيفة للإرهاب.
في وقت تصمت فيه مونتي كارلو واخواتها الدوليات عن مشاهد تعذيب الفنانين في سوريا والممثلين والممثلات والتنمر عليهم بطرق مهينة وضربهم، يركزون على حالات في العراق ثبت أن بعضها انتحار والبعض الاخر منها جنائي لكن تربط بطرق ملتوية بالحشد الشعبي!
المطلوب اليوم أن يُكشف هذا النفاق الإعلامي بلا تردد. فمن يهاجم الحشد الشعبي بحجة “انتهاك حقوق الإنسان”، بينما يصمت عن سجل الجولاني الدموي، لا يدافع عن الإنسان ولا عن الحق، بل عن أجندات سياسية تريد تحويل الإرهاب إلى أداة وظيفية لإعادة تشكيل المنطقة.
لقد آن الأوان لتسمية الأشياء بأسمائها: الحشد الشعبي مقاومة أنقذت العراق من داعش، والجولاني وأذرعه في سوريا مجرد نسخة معدلة من داعش، مهما حاول الإعلام الغربي أن يمنحه غطاءً سياسياً أو حقوقياً. الازدواجية هنا لم تعد مجرد خلل مهني، بل تحوّلت إلى جريمة أخلاقية بحق الحقيقة والتاريخ والضحايا الذين دفعوا أرواحهم ثمناً في مواجهة الإرهاب.
انتهى.





