top of page

الإطار يقلب الطاولة السوداني خارج اللعبة والبلد نحو مفترق جديد

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 6 ديسمبر
  • 2 دقيقة قراءة

بقلم زهراء محمد

لم يكن استبعاد محمد شياع السوداني من سباق رئاسة الوزراء مجرد تسريب عابر في ضجيج السياسة العراقية، بل لحظة مفصلية تكشف عمق التصدعات داخل الاطار التنسيقي، وإعلان – بلا مواربة – أن العراق يقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من إعادة توزيع النفوذ، وإعادة هندسة السلطة، وفق موازين أثقل من صناديق الاقتراع وأبعد من النتائج المعلنة.

فالسوداني الذي دخل رئاسة الحكومة السابقة بتفويض كامل من الإطار، يخرج اليوم منها محمّلاً بإرث ثقيل من الخلافات، لا لأنه فشل، بل لأنه – على ما يبدو – نجح أكثر مما ينبغي لرئيس لا يُراد له أن ينجح وحده.


من التفويض إلى الطعن: حين ينقلب الداعم على مرشحه

كل المؤشرات تؤكد أن قرار إبعاد السوداني لم يكن وليد اللحظة، بل نتاج تراكمات صامتة داخل الإطار التنسيقي، ليس أولها اعتراض صريح من بعض أقطابه على نهجه في إدارة السلطة، او خوف متزايد من أن يرسّخ لنفسه ولاية ثانية تُضعِف نفوذ الشركاء، ولا اخرها تنامي تيار داخلي يريد رئيساً أكثر قابلية للضبط… وأقل قدرة على المناورة خارج السقف.

في عامه الأخير، بدأ السوداني بتشكيل مركز ثقل سياسي مستقل، وهذه – في معادلة الحكم العراقية – جريمة غير معلنة، لأن كل صعود خارج منظومة السيطرة يُعد تهديداً مباشراً لبنية التوازن الهشة التي تحكم البلاد.


الانتخابات ليست الحكم… من خلف الأبواب المغلقة يصدر القرار

قد يكون ائتلاف السوداني حقق حضوراً انتخابياً معتبراً، لكن أي متابع للشأن العراقي يدرك أن رئيس الحكومة لا تصنعه الأرقام وحدها، بل تصنعه الغرف المغلقة، حيث تتقاطع الصفقات، وتُعاد صياغة الولاءات، وتُدار حسابات إقليمية ودولية على طاولة الداخل.

وبعد الانتخابات، بات واضحاً أن بعض القوى الشيعية الكبرى لم تعد ترغب في بقاء السوداني، لا بسبب ضعف أدائه، بل بسبب كسره اتفاقيات توليته المنصب عام ٢٠٢٢… وهي مفارقة تكررت في العراق منذ عام 2003، اذ ان كل رئيس وزراء يتم تكليفه ما يلبث ان يبدأ في التحول إلى زعيم فيُسارَع إلى تقليم أظافره.


السوداني خارج الإطار… لا خارج المعادلة

ان إبعاد السوداني اليوم ضربة سياسية قاسية، لكنها ليست نهاية المسار.

فالرجل لم يخسر جمهوره، ولا كتلته الانتخابية، ولا شبكة علاقاته داخل مؤسسات الدولة، ولا صورته التي اقترنت بالمشاريع.

قد يعود، وقد يُعاد تدويره في لحظة سياسية أخرى، وقد تُستثمر شعبيته لاحقاً في صدام جديد بين مراكز القوى… فالسياسة في العراق لا تُغلق ملفاتها، بل تؤجل انفجاراتها.


سؤال البديل… ولماذا لا يُولد التوافق؟

رغم كثرة قيادات الإطار، إلا أن العجز عن تسمية بديل توافقي حتى اللحظة يبقى مؤشراً أخطر من إبعاد السوداني نفسه. ذلك أن كل طرف داخل الإطار يريد مرشحاً يمثّله هو… لا يمثّل العراق.

وهنا تكمن العقدة،الإطار لا يبحث عن رئيس وطني توافقي، بل عن رئيس توافقي داخل الإطار فقط، وهذه معادلة لا تنتج استقراراً، بل تؤجل الانفجار.


العراق أمام فصل مفتوح على كل الاحتمالات

استبعاد السوداني ليس نهاية فصل سياسي، بل بداية فصل جديد من الفوضى المُدارة التي تحكم العراق منذ عقدين، فراغ سياسي محتمل، احتمالات عودة التظاهرات، جولة جديدة من صراع الإرادات بين الداخل والخارج.


وما لم يحدث اختراق حقيقي في بنية النظام السياسي، فإن أي رئيس وزراء قادم سيكرر الدورة ذاتها، يصل قوياً…يحكم مقيّداً…ثم يسقط عندما يحاول أن يتحرر.

وهذا هو الدرس الذي يُكتب اليوم باسم السوداني، ويُدوَّن في سجل العراق الحديث بوصفه عنواناً صارخاً لمرحلة لم تحسم قرارها بعد.

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page