top of page

الانتخابات النيابية المقبلة: ازمة المشاركة النسوية تجسدها ارقام مفوضية الانتخابات

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 10 يوليو
  • 3 دقيقة قراءة

حقوق الصورة لصفحة السيدة نوار عاصم على الإنستغرام
حقوق الصورة لصفحة السيدة نوار عاصم على الإنستغرام

بارومتر العراق/ كتب ضياء ثابت، خبير اليونسكو -

تستعد الساحة السياسية العراقية لاستحقاق انتخابي جديد، حيث تتجه الأنظار نحو صناديق الاقتراع لاختيار ممثلي الشعب في البرلمان. وبينما تتزايد أعداد المرشحين وتشتد وتيرة المنافسة، تُلقي الأرقام الرسمية الصادرة عن مفوضية الانتخابات موخرا بظلالها على واقع المشاركة النسوية، كاشفةً عن تحديات عميقة قد ترسم ملامح "أزمة" حقيقية لتمثيل المرأة في قبة البرلمان، ليس عبر نظام الكوتا ولكن عبر الترجمة غير الواقعية لعدد المترشحات للانتخابات مقارنة بنسب النساء في المجتمع العراقي.

لقد كشف تحليل قوائم المرشحين الرسمية التي اعلنتها مفوضية الانتخابات العراقية اليوم، أن إجمالي عدد المرشحين للانتخابات النيابية المقبلة يبلغ 7926 مرشحًا ومرشحة. وعند تفحص هذه الأرقام عن كثب، يبرز تفاوت صارخ في تمثيل الجنسين؛ حيث بلغ عدد المرشحين الذكور 5701، بينما لم يتجاوز عدد المرشحات الإناث 2225. هذه الأرقام تعني أن نسبة المرشحات لا تتعدى 28.07% من إجمالي المرشحين، في حين يستحوذ الذكور على ما يقارب 72% من المنافسة.

هذا التفاوت الكمي يعكس خللا بنيوي في المنظومة السياسية وأحجام نسوي عن الخوض في سباق الانتخابات. وهو مؤشر على استمرار الهيمنة الذكورية على المشهد السياسي في العراق. فبالرغم من التقدم الذي أحرزته المرأة العراقية في مجالات عدة، وبالرغم من وجود نص دستوري وقانوني يضمن الكوتا النسائية في البرلمان (والتي تشكل مقعدًا من كل أربعة مقاعد تقريبًا، أي 80 مقعدًا من أصل 329)، فإن أعداد المرشحات ما زالت بعيدة عن تحقيق التوازن المطلوب أو حتى الاقتراب من نسبة مقبولة تعكس نصف المجتمع.

إن "ازمة" المشاركة النسوية في الانتخابات، تكمن في عدة أبعاد، ليس أولها حاجز الترشح، الذي يدل على وجود عوائق هيكلية وثقافية واجتماعية وسياسية تحول دون إقبال عدد أكبر من النساء على خوض غمار الترشح. هذه العوائق قد تشمل تحديات التمويل، وغياب الدعم الحزبي الكافي، والضغوط الاجتماعية، فضلاً عن التحديات الأمنية واللوجستية التي قد تواجه المرشحات.

ولا ننسى المنافسة الشديدة في ظل أعداد قليلة، حتى مع وجود الكوتا، فإن العدد النسبي القليل للمرشحات مقارنة بالذكور في كل محافظة يعني أن المنافسة على المقاعد المخصصة للنساء، وحتى المقاعد العامة، تظل شديدة، ولكن ضمن دائرة مرشحات أقل عددًا. فمثلاً، في محافظة بغداد، حيث يوجد أكبر عدد من المرشحات (706)، يظل العدد أقل بكثير من المرشحين الذكور (1647).

تأثير الكوتا، هو عامل آخر جعل الاحزاب تكتفي باختيار عدد قليل من المرشحات يقترب من نسبة الكوتا وفق معادلة حسابية يجريها قادة الكتل والكيانات الانتخابية بناء على نتائج الانتخابات السابقة. وعلى الرغم من أن الكوتا تضمن حدًا أدنى من التمثيل النسوي، إلا أنها لا تعالج جوهر المشكلة المتعلقة بتمكين المرأة من المنافسة على قدم المساواة في المقاعد العامة. فالاعتماد الكلي على الكوتا قد يحول دون اندماج المرأة بشكل كامل في العملية السياسية التنافسية خارج إطار الحصص المخصصة.

ان هذا النقص في أعداد المرشحات قد يشير أيضاً إلى تحديات في بناء قيادات نسائية سياسية قادرة على حشد الدعم الكافي للمنافسة بفاعلية على الساحة الوطنية.

ولعل العامل الأخطر هو الاستهداف الرقمي الفاضح والمسيء للنساء الذي ألفناه منذ انتخابات ٢٠١٨ حيث أقصيت ٤٠ مرشحة انتخابية بسبب مواد جارحة للحياء اغلبها مفبرك بالذكاء الاصطناعي او تقنيات رقمية احترافية. إن هذه الأرقام تدعو إلى وقفة جادة من قبل القوى السياسية والمجتمع المدني والمؤسسات الحكومية. فالديمقراطية الحقيقية لا تكتمل إلا بمشاركة فاعلة ومتساوية لكلا الجنسين. ولتجاوز "مأساة" المشاركة النسوية، يتطلب الأمر دعم حقيقي من الأحزاب السياسية، اذ يجب على الأحزاب أن تتبنى استراتيجيات واضحة لتمكين المرأة ودعم ترشيحها وتوفير الدعم المالي واللوجستي اللازم لحملاتها الانتخابية مع الحماية من التشويه والإساءة عبر الاونلاين.

كما ان الواقع يفرض ان تعمل الاحزاب السياسية على تغيير النظرة المجتمعية والصورة النمطية للمرأة في السياسة وتشجيع النساء على الانخراط بفاعلية أكبر. ومراجعة القوانين واللوائح للتأكد من أنها لا تشكل عوائق أمام مشاركة المرأة.

إن الانتخابات المقبلة ليست مجرد فرصة لتغيير الوجوه، بل هي فرصة لتعزيز مبادئ الديمقراطية والعدالة والمساواة. وما لم يتم تدارك "ازمة" التمثيل النسوي، فإن المشهد السياسي العراقي سيظل بعيدًا عن تحقيق طموحات شعب يتطلع إلى تمثيل شامل وفاعل.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page