التكنولوجيا العميقة محرك اقتصادات العالم
- KDTS
- 26 يونيو
- 2 دقيقة قراءة

بارومتر العراق/ بقلم ضياء ثابت خبير برامج الاتصال والمعلومات في اليونسكو
تتسارع القفزات التكنولوجية في العالم بشكل غير مسبوق وتتنافس الشركات والحكومات بطريقة محمومة وشرسة للوصول إلى الريادة والتميز في قطاع الأعمال والاستثمارات التكنلوجية. وفي هذا السباق العالمي تبرز التكنولوجيا العميقة (Deep Tech) كأحد أهم محركات الاقتصاد والابتكار في القرن الحادي والعشرين.
بعكس التطبيقات التكنولوجية السطحية التي تعتمد على البرمجيات والواجهات، تُبنى التكنولوجيا العميقة على أسس علمية وهندسية متينة. تشمل هذه التكنولوجيا طيفًا واسعًا من الابتكارات المتقدمة مثل الذكاء الاصطناعي، الحوسبة الكمومية، النانو تكنولوجي، البيوتكنولوجيا، الروبوتات، المواد الذكية، وتكنولوجيا الطاقات المتجددة.
ان التركيز على التكنولوجيا العميقة يمثل فرصة فريدة لتشغيل الشباب وإدماجهم في قطاعات استراتيجية ذات أثر طويل المدى. لكن ذلك يتطلب تغييرًا جذريًا في الطريقة التي نتعامل بها مع الشباب، ولابد من تبتي سياسات وطنية تحول هذا المجتمع من مستهلك للمعرفة إلى منتج لها.
ومن اولى خطوات التحول نحو مجتمع ينتج المعرفة عبر التكنلوجيا العميقة هو إنشاء حاضنات أعمال جامعية تدعم الأفكار التكنولوجية القائمة على البحوث العلمية العميقة. وربط الجامعات بمراكز التصنيع والشركات الكبرى لتأمين تجارب عملية ومشاريع تطوير. والتحول في النمط البحثي الجامعي نحو نمط تحفيز ثقافة البحث التطبيقي والابتكار ضمن مناهج التعليم العالي.
وبالمقابل تتبنى وزارة العمل والنقابات والاتحادات وغرف الصناعة والتجارة عملية تشجيع الشباب على تأسيس شركات ناشئة التكنلوجيا العميقة تدعمها الحكومات والقطاع الخاص. فيما تتولى الحكومة إطلاق صناديق تمويل وطنية للمشاريع التكنولوجية ذات الطابع البحثي.
تاتي سنغافورة كمثال مهم لتبني هذا النوع من التكنلوجيا حيث وضعت استراتيجية “الاقتصاد العميق” التي تمول من خلالها مشاريع التكنولوجيا الحيوية والنقل الذكي والروبوتات، وربطت مخرجات التعليم العالي مباشرة بحاجة السوق التكنولوجي فحققت أعلى مستوى نمو لبرامج توظيف الشباب.
ألمانيا هي المثال الأوربي التي انطلقت في هذا المضمار بفضل شبكة “معاهد فراونهوفر” المنتشرة في أنحاء البلاد، التي حولت البحوث التطبيقية إلى حلول صناعية عميقة عززت مكانة ألمانيا في الابتكار الأوروبي.
تفعيل التكنولوجيا العميقة لا يعني فقط بناء المختبرات، بل بناء العقل الذي ينتجها. ولعل أبلغ استثمار هو توجيه طاقات الشباب نحو استكشاف المجهول، لا استهلاك المعلوم. بتوفير البيئة، التمويل، والرؤية، يمكننا تحويل جيل اليوم إلى مهندسي الغد، وشركاء حقيقيين في بناء اقتصادات المعرفة العميقة.
انتهى.