الجولاني والشابندر: صديقان يبحثان عن المال والسلطة!
- KDTS
- 10 يونيو
- 3 دقيقة قراءة
بارومتر العراق يحصل على بعض الوثائق التي سلمها الجولاني للشابندر؛

بارومتر العراق/ خاص
في خضمّ التفاعل اللامستقر في العلاقة بين سوريا الجديدة والعراق، يأتي اللقاء المفاجئ بين عزّت الشابندر وأبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام المصنّفة دولياً منظمة إرهابية، ورئيس النظام السوري الجديد، ليخلط أوراق اللعبة من جديد ويثير موجة من التساؤلات حول دوافعه الحقيقية ومآلاته المحتملة. فالمكان هو دمشق، المدينة التي لطالما شكّلت مفترق طرق لأسرار الأمن والصفقات السوداء، والزمان يسبق الاستحقاق الانتخابي العراقي، حيث تُشحذ الأدوات (فاسدها ونظيفها) ويُستنفر الحلفاء وتُطلق أوراق الضغط من كل صوب.
اللقاء الذي تم تأكيده من مصادر متعددة اليوم، يكتنفه الكثير من الغموض، ليس فقط في هوية الأطراف الراعية، بل أيضاً في الرسائل التي أراد الجولاني تمريرها عبر الشابندر، وما إذا كانت تلك الرسائل موجهة نحو بغداد من باب المساومة، أو التهديد، أو التذكير بأن أسرار الماضي لا تموت، بل تُدفن مؤقتاً إلى حين الحاجة. فهل كان الجولاني يحمل وثائق من أرشيف المخابرات السورية التي تسربت بعد سقوط منظومة الأسد الأمنية؟ وهل تضمّنت تلك الوثائق معلومات حساسة عن قادة عراقيين، من مختلف الطوائف، كانت لهم ارتباطات عميقة بنظام الأسد أو تسهيلات مع الجماعات المتطرفة التي ضربت العراق من بوابة الحدود السورية؟

المعلومات المؤكدة ان رسائل خاصة سلمت للجولاني وأخرى سلمها للشابندر، منها ما يتعلق بشخصيات سياسية حالية وسابقة من العراق، فمن المعروف أن النظام السوري الجديد قد حصل وثائق مخابراتية سورية تعود للأسدين الاب والابن. وكما ان الاسد الابن كان طرفاً فاعلاً في زعزعة استقرار العراق بعد 2003، عبر تسهيل عبور المقاتلين الأجانب وتوفير الغطاء اللوجستي لجماعات متطرفة، بعضها تقاطع لاحقاً مع الجولاني نفسه. فإن الوثائق التي أعطيت نماذج عنها تبين أن شخصيات عراقية نافذة، سنية وشيعية وكردية، كانت ولا تزال تحتفظ بخيوط غير معلنة مع دمشق، سواء في أروقة الأمن أو فضاءات المال والسياسة. لكن المثير ان تل ابيب، بيروت، طهران وموسكو تمتلك نسخا من ارشيف مختبرات الأسدين. فهل أراد الجولاني تذكير هؤلاء بصلاتهم القديمة؟ أم أنه أراد تحييد بعضهم واستمالة آخرين عبر وساطة الشابندر الذي يعرف كيف يلعب على حبال التوازن؟
وما يزيد من تشابك المشهد أن الشابندر نفسه ادعى انه قد التقى قبل ذلك بالرئيس السوري أحمد الشرع او الجولاني، وصرّح بأن اللقاء كان يهدف إلى تمتين العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين. غير أن تسلسل اللقاءات يشي بأجندة أوسع، قد تكون بعيدة عن المصالح العامة وقريبة من حسابات الابتزاز والتموضع الجديد قبيل الانتخابات. فهل كان لقاء الجولاني مجرد حلقة في سلسلة من اللقاءات غير المعلنة التي تهدف إلى إعادة رسم خارطة التحالفات في العراق، عبر الضغط على شخصيات بعينها، أو فضحها، أو حتى مقايضتها بمواقف أو صفقات؟
ليس من المستبعد أن تكون تلك اللقاءات، وما دار فيها، محاولة من بعض الأطراف للعودة إلى المشهد من نافذة دمشق، بعدما أوصدت أبواب بغداد. وربما كان الشابندر، بما يمتلكه من شبكة علاقات تمتد من قمّ إلى بيروت ومن دمشق إلى النجف، هو الأنسب لحمل الرسائل المزدوجة: تهدئة علنية وتلويح خفي بكشف المستور.
في كل الأحوال، فإن الأسئلة تبقى مشرعة على احتمالات واسعة، فيما يبقى الصمت الرسمي العراقي مثقلاً بالريبة. وبين شفاه الجولاني وحديث الشابندر، قد تكون الحقيقة معلّقة في أرشيف لم يُفتح بعد، أو في تسجيلات وُعد بها البعض وهدد بها البعض الآخر.
المتضررين من اللقاء، يرون فيه رصاصة سياسية تطوف فوق رؤوسهم، وآخرين يجدون فيه امالا تنعكس ظلالها على صناديق الاقتراع المقبلة، التي يبدو أن بعض المفاتيح فيها لم تعد تصنعها الأصوات فقط، بل أيضاً وثائق الماضي ومآلات الصفقات العابرة للحدود.
انتهى.