العراق GPS مشكلة أم حل!
- KDTS

- 30 أكتوبر
- 4 دقيقة قراءة

بارومتر العراق/ كتب ضياء ثابت مسؤول قطاع الاتصالات والمعلومات ليونسكو العراق
خلال الأعوام (2023-2025) سجّلت قواعد بيانات وتقارير فنية وتحذيرات ملاحة مدنية حالات مُتكرِّرة من اضطراب إشارات تحديد المواقع العالمي (GNSS/GPS) في العراق ومنطقة بغداد، مع تركيز ملحوظ حول مركز العاصمة والمناطق الحسّاسة كـ«المنطقة الخضراء». الاضطراب يأخذ شكلين رئيسيين تقنياً، قطع/تشويش (jamming) — أي إغراق ترددات استقبال جهاز المتلقي بإشارات أقوى، و تضليل الترددات (spoofing) — إرسال إشارات مزيفة تُظهر موقعاً زائفاً. هذه الحوادث أثّرت على الملاحة الجوية والبحرية وأنظمة تتبّع المركبات والطائرات المسيرة إلى حدٍ ما.
الأدلة المتاحة لا تُشير إلى جهة متهمة بعينها، لكن التحليل التقني والخيارات التشغيلية للخرائط الرقمية يشير إلى سلسلة فاعلين محتملين (جهات اجنبية، جهات عسكرية/أمنية محلية، أو فصائل مسلّحة) كلٌّ له دافع وقدراته على التأثير بانظمة الملاحة البرية والجوية. تقارير متعددة تُشير لوجود حالات مركّزة حول بغداد والمناطق الحسّاسة الأخرى في بعض الأماكن من البلد.
(الدليل المفتوح) — أهم نقاط التحليل المدعومة بالمصادر
حوادث انقطاع/تشويش GPS في بغداد والمنطقة الخضراء — تقارير محلية وإقليمية أوردت اضطراباً مستمراً وحالات أثّرت على حركة الملاحة الأرضية والجوية، مع إشارات إلى أن الأجهزة/معداتٍ التشويش تتموقع قرب المنطقة الخضراء.
نماذج تشويه أشبه بما رُصِد في حوادث سابقة بالمنطقة (jamming + spoofing)، والتي سبق أن تسبّبت بإرباك أجهزة ملاحة في العراق والمنطقة المحيطة (شمال العراق/أراضي مجاورة). المنهجيات التقنية المبلغ عنها في أحداث سابقة تطابق نمط تعطيل استقبال الـGNSS أو إرسال إشارات مزيفة.
المنطقة الأوسع (المياه الإقليمية والممرات الجوية) موخرا شهدت أيضاً اضطرابات GNSS متزامنة، مما يدلّ على أن المشكلة ليست محلية بضاحية واحدة بل ظاهرة إلكترونية إقليمية تُستَخدم أو تظهر في عدة مواقع.
القدرات الفنية متوافرة لدى جهات متعددة في المنطقة — جهات عسكرية ودولية وإقليمية تملك منظومات الحرب الإلكترونية (EW) القادرة على التشويش أو التضليل على نطاقات الـGPS. منظمات الطيران والسلامة الدولية نشرت إرشادات وتحذيرات تتعلق بهذه الظاهرة.
لماذا التشويش حول «المنطقة الخضراء»
التشويش (Jamming) يتم عبر جهاز يُرسل طيفاً أو تردداً مكثفاً بنفس ترددات استقبال GNSS (مثل L1 1575.42 MHz) في منطقة محلية، فيغطي الإشارات الضعيفة للساتل ويمنع استقبال إشارة صحيحة. فيحصل فقدان قِيم الموقع/الزمن أو انحراف كبير في الدقة.
التضليل (Spoofing): جهاز يولّد إشارات GNSS مزيفة بتوقيت/معلومات مصطنعة تجعل مستقبلات مُستهدفة تحسب موقعاً خاطئاً أو توقيتاً خاطئاً، دون أن تفقد الإشارة كلياً.
لماذا حول المنطقة الخضراء؟
أماكن حسّاسة سياسياً/دبلوماسياً غالباً ما تُتّخذ حولها احتياطات دفاعية، أنظمة رصد واستهداف الطائرات المسيرة (counter-drone)، وأنظمة اعتراض إلكترونية قد تُؤثر على ترددات GNSS لتجنب توجيه طائرات عادية أو طائرات مُسيرة إلى المنشآت الحسّاسة. كما أن مجموعات ما قد تستخدم التشويش لمنع تتبع أو ضرب مواقع حسّاسة. أي عملية حربية/وقائية قد تُنتج آثاراً جانبية تُظهِر كـ«فوضى GPS». (توضيح: هذا تفسير فني شائع لكن لا يثبت جهة معينة دون تحقيق).
من هم الأطراف المحتملون (تصنيفٍ حسب الاحتمال والدافع والقدرة)
لا يمكن توجيه اتهام نهائي بناءً على مصادر مفتوحة فقط. اذ لابد من تحليل احتمالي مبني على قدرات الجهة، الدوافع التشغيلية، وسلوكيات مرصودة في المنطقة.
هنالك مجموعة من الجهات المحتمل انها من تشغل اجهزة التشويش، اجهزة امنية او عسكرية او سفارات بعينها او جهات اخرى. قد تمتلك أو تصلها معدات مضادة للطائرات المسيرة وأنظمة حرب إلكترونية محلية أو بالتعاون مع شركاء.
حماية منشآت حساسة (مثل المنطقة الخضراء) من طائرات مسيرة أو تهديدات تتطلّب تعطيل توجيه GPS قرب منشآت حرجة.
احتمال ان يكون نهجا دفاعيا مؤقت محلي أو اجنبي، عبر القوات الدولية/التحالفات العسكري (قواعد وتواجد خارجي سابق في المنطقة) التي تمتلك تقنيات متقدمة للحرب الإلكترونية وقادرة على عمليات محكمة للتشويش أو الحماية الإلكترونية. والدافع قد يكون حماية قواعد أو مراقبة أنشطة معادية أو منع استهداف بعثات دبلوماسية/قواعد عسكرية او شخصيات من قادة الحشد الخ.
من الممكن أن تستخدم أجهزة تشويش محدودة النطاق أو أدوات مُستوردة قادرة على تعطيل استقبال GPS على مسافات قصيرة منع توجيه طائرات مسيرة أو تعطيل تتبّع مركبات/شحنات. هنالك قوى إقليمية (دول ذات قدرة حرب إلكترونية متقدمة: إيران، إسرائيل، دول أخرى) قادرة على تعطيل هذه الخدمات. بعض الحالات أبلغ عنها في سياق حوادث تداخل GNSS إقليمية، أو استخدامها كجزءٍ من إستراتيجيات “ الحروب الرقمية الهجينة”. كعمليات عسكرية/أمنية في الإقليم، أو محاولة حماية/منع تشكيل مسارات طائرات مسيّرة أو ضرب أهداف داخل بغداد. من الممحتمل ايضا لكن يتطلب دلالة قوية (تتبُّع اطلاق إشارات عبر قياس الطيف وتحديد المصادر الجغرافية) لإثبات تورّط خارجي.
نطاق التداخل ومساحته الجغرافية
ان التشويش المحلي الضيّق المدى (بضع مئات مترات إلى كم واحد) يحتمل أن يكون من جهاز أرضي محلي. اما الـتشويش الواسع المدى (عشرات الكيلومترات أو أكثر) يشير لمنظومة أقوى أو استخدام معدات عسكرية متقدمة.
إن كان التأثير مترافقاً مع ظهور مراكز إشارة مزيفة (مواقع تظهر مركبة في مكان غريب)، فهذا يدل على spoofing.
إن كان مجرد فقدان إشارة/ارتفاع في معدل الخطأ فهذا أقرب إلى jamming.
هل ان توقيت الاضطراب ينحصر بوقت هجمات/توترات؟ أم يظهر بشكل ثابت؟ التوقيت المرتبط بتهديدات أمنية يعطي مؤشراً لعمل دفاعي مؤقت.
يمكن الاعتماد على سجلات الطيران والملاحة (FDR, ADS-B, AIS anomalies, NOTAMs) لتحليل هذه الظاهرة الرقمية وكشف هل كانت الطائرات تُظهِر تغيّر مفاجئ في موقعها أو توقيتات GPS.
قياسات الطيف الراديوي (RF spectrum monitoring) كالقياسات الحقلية بواسطة أجهزة مِقياس الطيف (spectrum analyzers) يمكن أن تحدد ترددات التشويش، عرض النطاق، واتجاه المصدر (direction finding). هذا الدليل هو الأقوى لإسناد مصدر التشويش.
منهجية إثبات المسؤولية
نشر محطات قياس طيفية ثابتة ومتحركة حول الحلقات المتأثرة (Green Zone وحولها) لمراقبة ترددات GNSS (L1, L2, وغيرها)، وتسجيل وقت وتكرار الانبعاثات الترددية، وقياس مستوى القدرة (dBm) واتجاه المصدر (DF).
مع جمع وتحليل سجلات الطيران والسفن (ADS-B, FDR, AIS, NOTAMs) من شركات الطيران والسلطات الوطنية لتحديد نمط الإخلال والزمن والموقع الجغرافي للأحداث، ومطابقتها مع سجلات الطيف الترددي.
انتهى





