المرشد الأعلى يُربك الحسابات.. وترامب يلوّح بالتفاوض لاصطياد الهدف المستحيل!
- KDTS

- 21 يونيو
- 3 دقيقة قراءة

بارومتر العراق/ ابو ضي
في تطوّر دراماتيكي تصاعدت في الساعات الأخيرة مؤشرات على محاولة دبلوماسية يقودها الرئيس الأميركي دونالد ترامب للوصول إلى اجتماع مباشر مع القيادة الإيرانية، قد يُعقد في تركيا، بهدف ما تصفه بعض المصادر الغربية بـ”فتح قناة تفاوض طارئة” مع طهران، في خضم الأزمة المتفجرة مع إسرائيل. إلا أن خلف هذه الدعوات “اللطيفة”، يكمن هدف أكثر تعقيداً وخطورة يتمثل في الوصول إلى موقع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية، الذي اختفى عن الأنظار ضمن إجراءات أمنية غير مسبوقة.
الخطوة الأميركية لم تكن وليدة فراغ، بل جاءت بعد أن وصلت واشنطن وتل أبيب إلى مفترق طرق خطير، تفرضه طبيعة التهديد الإيراني المتصاعد. فهناك خياران فقط، لا ثالث لهما:
الأول، اغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي في عملية عسكرية استخباراتية دقيقة تُنهي رأس النظام وتفتح الباب أمام سيناريو الانهيار.
الخيار الثاني، توجيه ضربة عسكرية مدمرة للبرنامج النووي الإيراني، وهي مغامرة محفوفة بالمخاطر قد تشعل المنطقة بأسرها وتعرض مصالح حلفاء الولايات المتحدة، خاصة في الخليج، لأخطار جسيمة تهدد كل اصدقاء اسرائيل وأمريكا هناك.
مصادر مطلعة كشفت أن ترامب ادخل مستشاريه الخاصين على خط الوساطات من خلال قنوات متعددة، أبرزها تركيا، حيث جرت محاولات لعقد لقاء مع الرئيس الإيراني أو فتح قناة حوار غير معلنة، تحت غطاء التهدئة و”منع الانفجار الكبير”. لكن الحسابات الاستخباراتية تشير إلى أن الغاية الحقيقية من هذه التحركات ليست الحوار بحد ذاته، بل الوصول إلى مكان تواجد المرشد، الذي اختفى بشكل مفاجئ عن الظهور العلني، وتوقف عن إصدار خطب مرئية منذ ايام، وسط حديث عن اتباعه بروتوكول أمني بالغ السرية، يسمح له بإدارة الدولة والجيش عبر شبكات اتصال مشفرة تقليدية لا يمكن تتبعها بسهولة.
هذا الاختفاء أربك أجهزة الاستخبارات الغربية، التي فشلت حتى الآن في رصد أي تحرك مباشر له. ويبدو أن طهران قد تعلمت الدرس القاسي من تجاربها السابقة، وعلى رأسها اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني وخسارة قيادات بارزة من حزب الله في لبنان، فاتخذت جملة إجراءات معقدة لحماية رأس النظام. فقد تم، وفقًا لتقارير استخباراتية، فصل مسارات الاتصال، وتوزيع الأوامر العسكرية والسياسية عبر عدة قنوات غير مترابطة، لمنع كشف المصدر الأصلي للقيادة.
ترافق هذه التحركات تغير ملحوظ في اللهجة الأميركية والغربية تجاه إيران. فقد صدرت خلال الساعات الماضية إشارات من البيت الأبيض، تتحدث عن “أهمية فتح مسارات دبلوماسية جديدة” و”الاستعداد لمبادرات تفاوضية خلاقة”، كما خففت بعض الدول الأوروبية من حدة خطاباتها تجاه طهران، في ما اعتبره مراقبون محاولة لتليين الأجواء وجر إيران إلى فخ إظهار جزء من أوراقها، خاصة تلك المتعلقة بمكان المرشد.
في السياق ذاته، بدأت إسرائيل – التي تقود المواجهة العسكرية ضد طهران – بتغيير طفيف في نبرتها الإعلامية، فأعادت التذكير بأنها لا تسعى إلى حرب شاملة، بل إلى “ردع استراتيجي”، وإن عدم تدخل امريكا السريع بالخرب سيطيل أمدها! ما يُفهم منه رغبة في كسب الوقت أو تقليل التوتر ريثما يُستكمل العمل الاستخباراتي الجاري خلف الكواليس.
لكن المهمة لا تبدو سهلة. فإيران باتت تتعامل مع تهديد وجودي مباشر، ولا تراهن على أي وعود دبلوماسية. الخطاب الداخلي للنظام يؤكد أن “القيادة بخير وتدير الأمور من مواقع آمنة”، فيما تتولى شخصيات ثانوية واجهة المشهد الرسمي. وقد اختفى المرشد من الظهور بينما تستمر بيانات الحرس الثوري والجيش في صدورها بشكل طبيعي، مما يعزز فرضية القيادة عن بعد.
وفي الوقت الذي تنشغل فيه العواصم الغربية بتحليل هذه الديناميكيات المعقدة، يبقى الرهان الحقيقي على نقطة مفصلية إلا وهي "هل تنجح الولايات المتحدة، عبر أدوات ناعمة أو وسائل صلبة، في فك شيفرة مكان المرشد الأعلى، أم أنّ البروتوكولات الإيرانية الجديدة قد فرضت جدارًا استخباريًا منيعًا لا يمكن اختراقه في ظل الظروف الراهنة"؟
تعيش المنطقة على إيقاع سباق الزمن. وكل حركة دبلوماسية، وكل تصريح علني، وكل تغريدة من ترامب، قد لا تكون سوى واجهة لحرب خفية تُخاض بعيدًا عن الأنظار.
حرب عنوانها الحقيقي: اصطياد الهدف المستحيل!
انتهى.






