top of page

انتحار سياسي في موسم الانتخابات

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 17 أغسطس
  • 2 دقيقة قراءة
قوائم مفوضية الانتخابات للمستبعدين
قوائم مفوضية الانتخابات للمستبعدين

بارومتر العراق/ كتب ضياء ثابت-

من الأخطاء الجسيمة التي ما زالت الأحزاب العراقية تقع فيها مع بداية التهيئة للحملات الانتخابية، مسألة اختيار المرشحين وآلية انتقائهم. فبدلاً من أن تكون العملية مبنية على معايير الكفاءة والنزاهة والسيرة الوطنية، والتفتيش في تاريخ المتقدمين للانتخابات، نشهد سباقاً محموماً بين الأحزاب على مستوى الانتشار الجغرافي لملئ قوائمها، وكأن همهم الأكبر هو العدد والتمثيل لا النوعية والسمعة.

اليوم، تتجلى الكارثة بوضوح من خلال قوائم مفوضية الانتخابات للمستبعدين، فأغلب الأحزاب ارتكبت أخطاء فادحة باختيار مرشحين عليهم شبهات خطيرة. مزورون، فاسدون، أصحاب سوابق، وحتى بعثيون بمراتب تنظيمية معروفة. هذا السلوك يعكس في جوهره مستوى ضحالة الفكر الحزبي الذي يهيمن على هذه الجهات السياسية بمختلف مسمياتها، ويبرهن أن الحسابات الضيقة والمصالح الذاتية تطغى على كل ما له علاقة بالوطن أو الجمهور.

المفارقة الأكبر أن هذه الأحزاب نفسها تملك القرار والنفوذ داخل وزارات أمنية وهيئات متخصصة كالمساءلة والعدالة، بل ولها أذرع في مفوضية الانتخابات ذاتها. أي أنها تمتلك أدوات الفحص المسبق والتدقيق في ملفات المرشحين قبل وصولها إلى المفوضية، ومع ذلك اختارت أن تدفع إلى الواجهة بأسوأ النماذج التي عرتها أمام الجمهور، فاصبحت موضوع سخرية وتندر في الشارع.

ببساطة أن هذه الأحزاب قررت – عن قصد او عن غير قصد – أن تختار الأسوأ من بين العراقيين لتضعهم في مقدمة الصفوف، وتسوقهم للشعب كـ”قادة مشرعين” يجلسون على كرسي لا يقل وزنه الرمزي عن ١١٠ آلاف ناخب، إنها صفعة مؤلمة وفضيحة مدوية.

الصدمة تتعاظم حين نتأمل القوائم الرسمية التي أصدرتها مفوضية الانتخابات، عشرات المرشحين المشبوهين يتوزعون على كل كيان انتخابي، وكل حزب يقف وراءهم يرفع شعارات النزاهة، محاربة البعث، والدفاع عن المظلوميات. لكن في الممارسة العملية، هم يضعون أيديهم في يد البعثيين أنفسهم، حتى أن أكثر من ١٣٠ بعثي بدرجات حزبية متقدمة مرشحون اليوم ضمن قوائم من يدعون انهم “جنود المذهب” و”قادة المقاومة” الذين طالما صدعوا رؤوس الناس بخطابات التخوين وادعاء حماية القيم.

لقد سلطت قوائم مفوضية الانتخابات للمستبعدين الضوء على زاويتين في المشهد الانتخابي، الأولى، انكشاف النية الفاسدة لهذه الأحزاب التي لم يعد لديها مانع في التحالف مع أي طرف طالما يخدم بقاءها في السلطة. والثانية، مستوى الغباء السياسي الذي يميزها، إذ دخلت السباق الانتخابي منذ بدايته بأخطاء قاتلة، مكشوفة، لا تترك مجالاً للتبرير. إن ما فعلته هذه القوى ليس مجرد خطأ تكتيكي، بل انتحار سياسي كامل، إذ يراها الناس اليوم على حقيقتها، يتفرجون على خيبتها، ويزداد إحباطهم من استهتارها بمصائرهم ومستقبلهم.

لقد أثبتت هذه المرحلة أن الأحزاب العراقية تعيش أزمة أخلاقية وسياسية، وأنها لم تتعلم شيئاً من دروس السنوات الماضية، بل تواصل السير بخطى ثابتة نحو الهاوية، ممعنة في عزلتها عن الناس وفقدانها لثقتهم.

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page