top of page

بين الحقيقة والخيال: لعبة المرشحين لرئاسة الوزراء في العراق

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • قبل 3 أيام
  • 2 دقيقة قراءة

في ظل أجواء سياسية متوترة ومعقدة، ظهرت أنباء مثيرة للجدل خلال الأيام الأخيرة، مفادها أن الإطار التنسيقي — الكتلة الشيعية الأكبر في البرلمان العراقي — قد اتخذ قراراً حاسماً وحصرياً بحصر مرشّحي رئاسة الوزراء في شخصين فقط، وأن أبرزهما هو حميد الشطري، رئيس جهاز المخابرات الوطني. خبر يبدو في ظاهره مؤكدًا، لكنه عند التدقيق يظهر كمثال واضح على التضليل السياسي والإعلامي في العراق.

تسعة أسماء… لا اثنين

مصادر سياسية موثوقة أكدت أن الاجتماع الأول للإطار لم يقتصر على اسمين، بل ضم تسعة أسماء مختلفة، شملت شخصيات سياسية وأمنية بارزة، من بينهم رئيس الحكومة الحالي وبعض الشخصيات التي تحظى بدعم أحزاب وأطراف مختلفة. ثم تداولت أخبار عن تضييق القائمة إلى ثلاثة أسماء، لكنها لم تصل بعد إلى اثنين فقط، ما يضعف مصداقية الخبر الأصلي الذي يروّج لحصر الترشيح في اسمين.

هذا التضارب يوضح حقيقة ثابتة: السياسة العراقية ليست لعبة بسيطة، بل ساحة نفوذ متشابكة، والأخبار المبكرة غالباً ما تُستخدم كأداة ضغط نفسي وسياسي قبل أي تحقق فعلي.

لعبة الإعلام والترويج

الحديث عن «مرشّحين اثنين فقط» يخدم غرضاً مزدوجاً:

  1. ترهيب المنافسين: من خلال خلق وهم حسم المعركة قبل انطلاقها، مما قد يربك خصوم الإطار ويضعهم في موقف دفاعي مبكر.

  2. تشكيل الرأي العام: الإعلام يستخدم هذا النوع من الأخبار لتوجيه الجمهور، وتهيئة الأجواء لتبرير أي اختيارات لاحقة، وتحميل المسؤوليات السياسية لاحقًا للمرشح الذي قد يُفشل في كسب الثقة أو تكوين حكومة مستقرة.

هذا النمط من الأخبار المزيفة أو نصف الحقيقية أصبح أداة سياسية متكررة في العراق، حيث تُستغل لإعادة رسم خارطة النفوذ قبل أن تتضح نتائج الاستشارات الرسمية.

قراءة سياسية عميقة

منطق السياسة في العراق اليوم يعتمد على المصالح الضيقة والتحالفات المؤقتة، وغالباً ما تُصاغ الأخبار لتصب في صالح طرف دون آخر. تحجيم المنافسة إلى اسمين فقط — إن صحت — قد يكون خطوة لتصفية حسابات سياسية داخلية، أو لضمان أن يكون اختيار رئيس الوزراء القادم من دائرة محددة فقط، بعيداً عن ضغط القوى الأخرى أو الشارع العراقي المتعب من الفشل المتكرر.

الواقع والمشهد القادم

كما علمنا عبد الباري عطوان في مسيرته الصحفية الطويلة، الحقيقة دائماً تتطلب تحقّقًا صارمًا قبل أن تُقدّم كيقين. التعامل مع مثل هذه الأخبار على أنها مطلقة يُضعف قدرة المواطن على فهم الواقع السياسي، ويحوّل الإعلام إلى أداة لتزييف الحقائق وخلق وهم السيطرة.

حتى الساعة، لا توجد أي مؤشرات رسمية على أن الإطار التنسيقي قد حصر مرشحي رئاسة الوزراء في اثنين فقط، ولا يمكن اعتبار حميد الشطري المرشح الأبرز بشكل نهائي. ما لدينا هو تداولات أولية وتحليلات سياسية وفرضيات مفتوحة، مع احتمالات واسعة لا يمكن تجاهلها.

في السياسة العراقية، كما هي دوماً، الأخبار المبكرة غالباً ما تكون ساحة للضغط النفسي والمناورات الإعلامية أكثر من كونها إعلاناً عن حقائق مؤكدة. على المواطن والصحفي على حد سواء أن يقف بحذر، وأن يميز بين الواقع والمسرحية الإعلامية، قبل أن يُحكم على المستقبل السياسي للبلاد.


 
 

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page