تطمينات ما قبل العاصفة: نمط متكرر للهجوم على محور المقاومة!
- KDTS

- 13 يونيو
- 2 دقيقة قراءة

كتب ضياء ثابت:
في كل أزمة إقليمية تتعرض فيها دول محور المقاومة لهجمات مفاجئة، نلحظ تكرارًا لسيناريو بات مألوفًا لكنه لا يزال فعّالًا في تحقيق عنصر المباغتة. هذا السيناريو يتمحور حول إطلاق رسائل تهدئة من قبل القوى الغربية، تتخذ طابعًا دبلوماسيًا مرنًا، مترافقة مع مؤشرات ظاهرها انفتاح وتسوية، بينما يُحضَّر في الخفاء لهجوم عسكري مباغت. حدث ذلك في لبنان، وتكرر في اليمن، ونُفّذ بشكل صارخ مؤخرًا ضد إيران في عام 2024.
ملامح السيناريو المتكرر
الضربات التي تعرضت لها دول مثل لبنان واليمن وإيران لم تكن بمعزل عن سياق عام مشترك، وهو ما يمكن تسميته بـ”مرحلة التطمينات”. في هذه المرحلة، تُطلق الدول الغربية – وخصوصًا الولايات المتحدة وفرنسا – تصريحات سياسية توحي بالرغبة في احتواء التصعيد وتجنّب المواجهة والدعوة للتهدئة. تزامن هذه التصريحات مع خطوات مدنية أو عائلية رمزية من قادة الكيان الإسرائيلي، مثل إعلان رئيس الوزراء نتنياهو عن ذهابه في عطلة أو مشاركته في زفاف أحد أبنائه يوم الاثنين المقبل، يهدف إلى ترسيخ صورة الاستقرار والابتعاد عن نية التصعيد.
وعلى سبيل المثال، في الهجوم الأخير الذي استهدف إيران، سبقه تصريح للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أعلن فيه أنه يضغط على نتنياهو للتهدئة، مشددًا على أنه لا يرغب بانخراط واشنطن في معارك جديدة. ترافقت هذه التصريحات مع إشارات أوروبية إيجابية بشأن “تفاؤل بنتائج جلسات التفاوض المقبلة”، ما ساهم في تشكيل غلاف سياسي هادئ ومضلل.
التضليل والتطمينات الكاذبة
هذه التصريحات ليست عفوية، بل تُستخدم كجزء من استراتيجية نفسية – سياسية هدفها تشتيت انتباه الخصم وتثبيط جهوزيته الدفاعية. وتُذكّرنا هذه المنهجية بما يُعرف في علم الاستراتيجية بمبدأ “الإلهاء قبل الهجوم” (Diversion before Strike). فبمجرد اطمئنان الطرف المستهدف إلى أجواء التهدئة، تُنفَّذ الضربة المباغتة، سواء عبر طائرات مسيّرة، أو قصف صاروخي، أو اغتيالات نوعية.
في لبنان، سبق العدوان الجوي الواسع تصريحات إسرائيلية عن نية الانسحاب من مناطق حدودية. وفي اليمن، ترافقت الضربات مع دعوات أمريكية لوقف إطلاق النار. وفي إيران، تكررت السيناريوهات، وكان عام 2024 شاهدًا على إحدى أكثر النسخ تطابقًا مع النموذج الكلاسيكي لهذا النمط من الهجمات.
لماذا يُكرر السيناريو نفسه؟
السبب في تكرار هذا الأسلوب يكمن في نجاحه النسبي في إرباك رد الفعل المقابل، وفي كون المنظومة الإعلامية الغربية قادرة على تغليف الضربات العسكرية بغلاف دبلوماسي مزيف، ما يسوّغها أمام الرأي العام الغربي. كما أن هذا النمط يمنح الكيان الإسرائيلي هامشًا للمناورة دون استدراج رد فعل مباشر أو واسع النطاق في اللحظة الأولى.
ما يحدث ليس مجرد تكرار اعتباطي، بل هو جزء من استراتيجية مدروسة تسعى إلى تقويض عناصر المقاومة من خلال استهدافها في لحظات الظن بالتهدئة. وعليه، فإن المطلوب اليوم ليس فقط رفع مستوى الجهوزية الدفاعية، بل أيضًا فهم قواعد اللعبة النفسية والإعلامية التي تمارسها القوى الغربية. فالإشارات الدبلوماسية الهادئة قد لا تكون أبدًا دليلًا على السلام، بل في كثير من الأحيان تكون مقدمات لحرب مباغته.






