حين تُطلق الصواريخ ويشكرك ترامب!
- KDTS
- 24 يونيو
- 2 دقيقة قراءة

بارومتر العراق/ بقلم ضياء ثابت
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وضعت قاعدة دولية واحدة "أن لا أحد يجرؤ على لمس قواعد العم سام”. هيبة عسكرية مغلّفة بالديمقراطية، ودرع نووي تزينه أقمار صناعية، ومنظومات لا تُقهر… أو هكذا كان يُقال لنا في نشرات الاخبار.
لكن ما لم تفعله ألمانيا بعد هتلر، ولا فعلته روسيا بعد ستالين وحتى الان، وما لم تجرؤ عليه الصين رغم حجمها، فعلته إيران… ليس مرة واحدة، بل مرتين.
في الأولى، كان انتقاما لدمِ قاسم سليماني ورفيقه أبو مهدي المهندس. وفي الثانية، كان الدافع… أن ضرب ثلاث مواقع نووية إيرانية .
ضُربت قاعدة “العديد” في قطر، كما ضُربت سابقاً قاعدة “عين الأسد” في العراق. وعلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية، وقف دونالد ترامب – الذي لا يعرف أن يبتسم إلا إذا كانت الكاميرا موجهة إليه – يشكر إيران!
نعم، يشكرها!
وقد يكون هذا هو الفصل الأكثر إثارة في الرواية النووية المفتوحة على احتمالات من خارج نصوص التأليف الأمريكي-الإسرائيلي.
إنها إيران، يا سادة؛ لا تطلق كل ما في جعبتها مرة واحدة. تستنزف خصمها أولاً، ثم تضع له السم في الكؤوس، وتسقيه كأساً تلو الأخر.
وفيما كان الجميع يحتفل بالدمار (المزعوم) لمفاعلاتها النووية، كانت مرتفعات الجليل الأعلى وقلب تل ابيب تُقصف، وأصول الكيان تتبخر في بورصة العالم، والاستثمارات تَفِرُ، وديون القدرة الدفاعية لقباب حديدة تتمزق، حتى قيل إن 38% من بنية الكيان العبري الغاصب قد تلاشت على وقع المعركة.
أما العرب…
فما بين أنظمة متخاذلة، وأخرى نصف نائمة، لم يُسجَّل لهم لا ضربة، ولا طلقة، ولا حتى بيان استنكار فيه قليل من الكافيين.
غابت صولاتهم الجوفاء منذ زمن بعيد، باستثناء اليمن الذي اجبر ترامب على قبول شروطا مذلة عند قرن باب المندب، ولبنان الجنوب الذي قاتل بشرف لم يعرفه العرب والأعراب، والعراق الذي يضع قدما على الأرض والأخرى على صواعق الاحتلال… اما باقي الشارع العربي فهو مشغولاً بمراجعة جدول مباريات “كوبا أميركا” او أبطال الدوري الاوربي !
ماذا عن سوريا؟
انها ترتدي ثياب النوم لتغفو بحضن مزدوج، وتحاول أن تجمل مفاتنها بقيادة الجولاني لترضي زوجيها نتنياهو وأردوغان بمباركة شيوخ الخليج .
لم يبقى إلا مذهب محور المقاومة صامدا بوجه المخططات الصهيو- أميركية، ولكل من يراهن على انهيار المحور بانهيار ايران، تحت ذريعة الملف النووي فهو واهم، راجعوا التواريخ لتجدوا ان ايران لا تتعامل مع ملفها النووي بالطرق التي نتخيلها. فهي لا تكشف أوراقها ولا تُخضع مفاعلاتها لجولات السياحة الغربية. إنها تعمل وفق نمط لا تراه واشنطن، ولا تلتقطه تل أبيب، ولا تفهمه الرياض، بل يظل عصياً حتى على طهران نفسها أحياناً.
أن من يملك إرادة الرد، يفرض معادلته، وأن من يُضرب ويشكر، ليس بالضرورة حليفًا… بل خصمًا خائفًا من القادم.
وأن قاعدة العديد، تمامًا كما قاعدة عين الأسد، منهج اساس في كتيب التجنيد الأمريكي.
أما نحن العرب، فربما آن الأوان لنعيد تعريف “الكرامة”… ليس كشعار محفوظ في أغنية، او حروف على لافته…لا في خطب الجمعة فقط، والمؤتمرات الصحفية، بل في المكان الذي يعلو فيه الدخان، وكقيمة تُترجم على الأرض.
انتهى.