دعوات اخلاء المدن: خدعة إسرائيلية لتحديث بنك الأهداف
- KDTS

- ١٦ يونيو
- 2 دقيقة قراءة

بارومتر العراق/ ابو ضي
انتقلت المعركة بين إيران وإسرائيل إلى محطة جديدة، وان كانت عبارة عن تكرار السيناريو الخاص “بدعوات إخلاء جماعية للسكان المدنيين”. وهو تكتيك استخدمه نتن ياهو مع حزب الله في حرب جنوب لبنان قبل اشهر قليلة. وظهر كذلك بوضوح في العدوان المتكرر على غزة، ويعود اليوم إلى الواجهة مع تصاعد وتيرة الحرب مع إيران. فما الذي يعنيه هذا الإجراء؟ وهل هو “حرص على المدنيين” أم خدعة عسكرية ماكرة؟
الحقيقة الصادمة أن دعوات الإخلاء ليست سوى ستار يُخفي فشلًا استخباراتيًا مزدوجًا لاسرائيل في الرصد التكنولوجي وعمل العملاء الميدانيين. وعندما تنهار قدرة الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة على توفير أهداف دقيقة، ويلف الغموض تحركات القيادات والمنشآت الحساسة، تلجأ إسرائيل إلى توجيه دعوات “إخلاء المدنيين”، ليس لحمايتهم، بل لكشف ما يحاول الخصم إخفاءه، وترويع المدنيين ليتركوا المناطق السكنية.
في جنوب لبنان، وبعد أكثر من 30 يومًا من القصف المكثف، اعترفت إسرائيل ضمنيًا بانهيار بنك أهدافها، وبدأت تدعو سكان الضاحية الجنوبية وصور وبنت جبيل إلى الإخلاء “حفاظًا على سلامتهم”، لتبدأ مرحلة جديدة من التعقب والرصد بعد الإخلاء. ومع فراغ الأحياء من المدنيين، تبدأ وحدات الرصد بمقارنة الصور قبل وبعد، وتراقب من بقي، ومن دخل، ومن خرج، وأين استُخدمت سيارات أو دراجات نارية أو نُقلت صناديق أو معدات.
اليوم، تعيد إسرائيل السيناريو ذاته مع إيران، وتحديدًا مع سكان طهران ومحيطها. دعوات إخلاء تأتي في توقيت يكشف نواياها ويكشف فشل عمليات الاغتيال الذكية، وفقدان السيطرة على المشهد الداخلي بسبب تحييد عملاء الموساد. المعلومات لم تعد تتدفق كما في السابق، وحركة القيادات العسكرية والعلمية الإيرانية أصبحت أكثر سريةً، والمنشآت الحساسة نُقلت أو أُخفيت. هنا، تلجأ إسرائيل إلى التكتيك المعتاد بدفع الخصم لإخلاء مدنه وكشف تحركاته.
إنها ليست دعوة إنسانية، بل كمين استخباراتي. إنها لحظة اصطياد لمن تبقّى في المكان، أو من يعود بعد الإخلاء، أو من يتحرك خلال هذه “الفوضى الكبيرة”. ومن يظن أن إسرائيل تحرص على المدنيين الإيرانيين، فهو يتغافل عن سجلّها الدموي في غزة، حيث كانت “مناطق الإخلاء” تُقصف بعد دقائق، وتُحوَّل إلى مقابر جماعية.
الإخلاء ليس نهاية الحرب، بل بداية فصل جديد منها. فصل تسقط فيه الأقنعة، وتنكشف فيه خطط الخداع البصري والتعقبي. إنه تكتيك العاجز، حين لا تملك السماء عيونًا، ولا تملك الأرض آذانًا. حينها، لا يبقى للموساد إلا أن يُجبر المدنيين على التحرك… علّهم يكشفون ما لا تستطيع التكنولوجيا رؤيته.
المطلوب اليوم أن لا يُخدع الرأي العام بهذا التكتيك، وأن تُفهم رسائل الإخلاء لا كإشارات سلام، بل كجرس إنذار على فشل استخباراتي تتبعه عادة موجة أشرس من الاستهداف الأعمى.
انتهى.






