top of page

صدمة النتائج تتجدد: حالات انتحار بعد إعلان نتائج السادس الإعدادي في العراق.. ومخاوف من تداعيات نفسية أعمق

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 22 يوليو
  • 3 دقيقة قراءة
حالات الإنتحار بعد نتائج الامتحانات الإعدادي
حالات الإنتحار بعد نتائج الامتحانات الإعدادي

بارومتر العراق/ فريق المتابعة الإخبارية –

لم يمر سوى يوم واحد على إعلان نتائج الامتحانات الوزارية للصف السادس الإعدادي في العراق، حتى اهتز الشارع العراقي على وقع أنباء مفجعة تمثلت في تسجيل عددا من حالات الانتحار في عموم المحافظات، كان لبغداد الحصة الأكبر منها. كما تمكنت فرق الإنقاذ من التدخل في اللحظات الأخيرة لإنقاذ 5 طلاب آخرين كانوا على وشك إنهاء حياتهم، اثنان منهم في العاصمة. هذه المأساة المتكررة كل عام تفتح من جديد ملف الضغوط النفسية الهائلة التي يتعرض لها الطلاب، وتكشف عن واقع مرير يهدد مستقبل أجيال بأكملها.

الرسوب غير المتوقع: نقطة تحول نحو اليأس

تُعدّ الامتحانات الوزارية للصف السادس الإعدادي في العراق بمثابة مفترق طرق حاسم يحدد مستقبل الطلاب، وهي محفوفة بضغوط أكاديمية ونفسية واجتماعية هائلة. فبالنسبة للكثيرين، تمثل هذه الامتحانات بوابة العبور إلى الجامعة، ومن ثم إلى سوق العمل والوظيفة، وهي الأمل الوحيد في تحسين ظروفهم المعيشية ومستقبل عائلاتهم.

وعندما تأتي النتائج على غير المتوقع، ويصطدم الطالب بواقع الرسوب بعد سنوات من الجهد والتعب، فإن الصدمة قد تكون مدمرة. هذا الرسوب، الذي قد لا يكون نتيجة لضعف التحصيل الأكاديمي بقدر ما هو نتاج لخلل في المنظومة التعليمية، يتحول إلى عبء نفسي هائل يدفع بالبعض إلى حافة اليأس التام، ويشعرهم بأن كل الأبواب قد أغلقت في وجوههم.

في هذا السياق يؤكد خبير العلاج النفسي الاجتماعي الدكتور وليد كرار، بانه لا يمكن فصل هذه الحالات المأساوية عن السياق الأوسع للواقع العراقي المليء بالتحديات. فالطلاب لا يعيشون في معزل عن الضغوط المعيشية والاقتصادية التي يعاني منها غالبية العراقيين. الفقر، البطالة المتفشية، نقص الخدمات الأساسية، وانعدام الأفق الواضح للمستقبل، كلها عوامل تضاف إلى الضغط الأكاديمي لتشكل بيئة خصبة لليأس والإحباط.

يضاف إلى ذلك، إغلاق أبواب سوق العمل والتوظيف بشكل شبه كامل أمام الشباب، لا سيما في القطاع الحكومي الذي كان يعتبر الملاذ الآمن. وحتى فرص العمل في القطاع الخاص محدودة وتفتقر إلى الاستقرار، مما يجعل مستقبل الشباب غامضًا ومحفوفًا بالمخاطر. هذا الواقع يولد شعورًا عميقًا بالعجز لدى الطلاب، فهم يدركون أن شهادتهم قد لا تضمن لهم حياة كريمة أو حتى فرصة عمل بسيطة.

فساد العمليات الامتحانية: شرارة اليأس الأكبر

تتعاظم هذه الأزمة عندما تضاف إليها اتهامات بالفساد والتلاعب في العمليات الامتحانية. فالحديث عن تسريب أسئلة، أو عمليات غش منظمة، أو حتى "بيع" للدرجات، يدمر ما تبقى من ثقة الطلاب بالنظام التعليمي. عندما يشعر الطالب المجتهد، الذي قضى الليالي ساهرًا، أن جهده قد لا يكافأ بشكل عادل بسبب فساد يستفيد منه الآخرون، فإن الشعور بالظلم يصبح لا يطاق. هذا الفساد لا يقوض مبدأ تكافؤ الفرص فحسب، بل يغذي اليأس ويجعل بعض الطلاب يتجهون نحو سلوكيات من بينها الإنتحار.

دعوات عاجلة للتدخل وحاجة ماسة للدعم النفسي والإصلاح

تتطلب هذه الحالات المأساوية تدخلاً فوريًا على مستويات عدة:

* الدعم النفسي والاجتماعي: يجب على وزارة الصحة والمؤسسات المعنية تفعيل خطوط ساخنة للدعم النفسي، وتوفير استشارات مجانية للطلاب وأسرهم، وشن حملات توعية مكثفة حول أهمية الصحة النفسية وسبل التعامل مع الضغوط.

* مراجعة العملية التعليمية: لا بد من إجراء مراجعة شاملة لنظام الامتحانات الوزارية، وضمان الشفافية والعدالة، ومحاسبة المتورطين في أي عمليات فساد.

* فتح آفاق العمل: على الحكومة وضع خطط حقيقية وفعالة لتوفير فرص عمل للشباب، ودعم القطاع الخاص، وتشجيع ريادة الأعمال، لكسر حاجز اليأس وإعادة الأمل للشباب العراقي.

* دور الأسرة والمجتمع: يجب على الأسر والمجتمعات المحيطة احتضان الطلاب ودعمهم نفسيًا، وعدم ممارسة ضغوط مفرطة عليهم فيما يتعلق بالنتائج الأكاديمية.

إن تكرار هذه المآسي يمثل وصمة عار في جبين المجتمع والحكومة. فالاستثمار في صحة الشباب النفسية ومستقبلهم هو استثمار في مستقبل العراق بأكمله، وإهمالهم يعني تفريغ البلاد من طاقاتها الحقيقية.

انتهى.

 
 

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page