top of page

ماذا لو بقي العراق بلا برلمان 300 يوم: مقارنة مع تجربة كردستان المعلقة

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 18 أغسطس
  • 2 دقيقة قراءة
ديمقراطية كردية بلا برلمان!
ديمقراطية كردية بلا برلمان!

بارومتر العراق/ كتب نوزاد حمه امين-

في خضم النقاشات الدائرة حول مستقبل العملية السياسية في العراق الاتحادي ونحن نقترب من استحقاق انتخابي كبير، يطرح تساؤل مهم (ماذا لو بقيت بغداد بلا برلمان أكثر من 300 يوم؟). الجواب يبدو كارثيًا، أزمة دستورية، شلل تشريعي، احتجاجات سياسية وشعبية، تقود الى تدخلات دولية ضاغطة. فغياب البرلمان عن بغداد لفترة طويلة يعني تعطيل الرقابة على الحكومة، ووقف التشريعات، وترك البلاد في فراغ سياسي لا يحتمل.

لكن المفارقة أن هذا السيناريو ليس افتراضيًا بالكامل؛ إنه واقع معاش في إقليم كردستان العراق منذ أكثر من 300 يوم بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة لاقليم كردستان العراق، حيث لم يُشكَّل البرلمان حتى الآن، وهو ما سبقته مرحلة أخطر تمثلت في حل البرلمان لأكثر من عامين قبل الانتخابات. أي أن الإقليم يسير فعليًا منذ أكثر من ١٠١٥ يوم بلا جسد تشريعي.

سابقة خطيرة بلا مساءلة

هذه السابقة تكشف عن انهيار لمفهوم الديمقراطية في الإقليم. فبينما يُنتقد العراق الاتحادي عند أول أزمة حكومية أو تأخير بتشكيل الكابينة الوزارية، فإن كردستان عاشت بلا برلمان لعامين كاملين ولم نسمع اعتراضًا من واشنطن أو بروكسل أو حتى من النخب المحلية. بل إن الولايات المتحدة تواصل وصف الإقليم بـ"الحليف الديمقراطي"! وتغدق عليه الدعم السياسي والاقتصادي، وكأن غياب البرلمان لا يُعد انتهاكًا لأبسط مبادئ التمثيل النيابي.

حكم العوائل والحزبية الوراثية

الواقع أن تعطيل البرلمان في كردستان لم يكن حدثًا عرضيًا، بل يعكس بنية الحكم هناك، المتمثلة بسيطرة حزبية – عائلية مطلقة، حيث تتوارث السلطة في الحزبين الرئيسيين بين أبناء الزعامتين التقليدية. وهكذا أصبح الإقليم أقرب إلى إقطاعية سياسية تُدار لمصلحة حزبين وعائلتين، فيما تُفرغ أي مظاهر مؤسساتية من مضمونها.

في ظل هذه السيطرة، لا مكان لمعارضة حقيقية أو لتداول سلمي للسلطة أو لمساءلة برلمانية وانموذج (حراك جيل جديد واعتقال زعيم الحزب الصاعد ساشورا عبدالله قبل ايام) انما هو مثال واضح على القمع وتقييد المشاكرة السياسية. ومع غياب التشريع والرقابة، يتحول كل قرار إلى سلطة تنفيذية مطلقة بيد الحزبين، فيما يتفرج الشارع الكردي على "ديمقراطية شكلية" لا تعكس إرادته.

ازدواجية المعايير الدولية

الأخطر أن المجتمع الدولي يتعامل بازدواجية صارخة، أي خلل في بغداد يثير قلقًا أمريكيًا وأوروبيًا وعربياً وتركياً فوريًا، بينما يُنظر إلى أزمات الإقليم وكأنها شأن داخلي عابر. هذه المعايير المزدوجة لا تقوّض فقط ثقة الشارع العراقي – والكردي على وجه الخصوص – بالخطاب الغربي عن الديمقراطية، بل تساهم في ترسيخ حكم العوائل والحزبية الوراثية على حساب قيم التعددية والشفافية.

الدرس لبغداد

لو أن البرلمان الاتحادي غاب 300 يوم، لكان العراق على أعتاب أزمة دستورية دولية الطابع. لكن تجربة كردستان تكشف أن "الصمت الدولي" يمكن أن يتحول إلى غطاء لاستمرار الأزمات وإعادة إنتاج نفس المنظومة المغلقة. الدرس المستفاد هو أن غياب البرلمان ليس مجرد تأخير إداري، بل هو تفريغ كامل لفكرة الدولة، وتحويل الحكم إلى إدارة حزبية ضيقة، لا تشبه الديمقراطية إلا في صناديق الاقتراع المعطلة.

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page