من الفضاء الرقمي إلى الشارع: ثورة جيل زد التي أربكت السلطة في العراق
- KDTS

- 3 ديسمبر
- 2 دقيقة قراءة
تشهد الاحتجاجات التي يقودها جيل زد عالميًا تحولات لافتة، لكن ما يهمّ في الحالة العراقية هو أن الشباب هنا يتحركون تحت ضغط بنية سياسية واقتصادية أكثر تعقيدًا. فجيل زد في العراق، كما في بلدان أخرى، يواجه انسدادًا حادًا في الأفق الاجتماعي والاقتصادي، لكنه يتعامل أيضًا مع إرث ثقيل من الفساد البنيوي، والمحاصصة، وضعف الدولة، وتراجع الخدمات الأساسية. وهذا يجعل “سياسات الضرورة” أكثر وضوحًا في سلوك الشباب العراقي، الذين لا يرون في النظام القائم قدرة حقيقية على توفير العمل والحماية الاجتماعية أو فرص التقدم.
لقد أظهرت تجربة احتجاجات تشرين أن الأجيال الشابة، بما فيها جيل زد، أصبحت قوة فاعلة في المشهد السياسي، تدفعها مطالب واضحة: العدالة الاجتماعية، إنهاء الفساد، ضمان الكرامة، وفرص حياة عادلة. لكن تطور المشهد الرقمي في العراق جعل الحراك يأخذ شكلاً مغايرًا تقوده منصات التواصل الاجتماعي، التي باتت وسيلة للتعبئة السريعة وكشف الانتهاكات، وفي الوقت نفسه ساحة للصراع مع حملات التضليل وهجمات الجيوش الإلكترونية.
جيل زد في العراق: أولويات مختلفة
تشير الاتجاهات البحثية إلى أن الشباب العراقي أكثر ميلًا للاهتمام بقضايا مثل فرص العمل، محاربة الفساد، الخدمات، والعدالة الاجتماعية، مقارنة بالأجيال الأكبر التي تميل إلى التركيز على الاستقرار الأمني أو الاعتبارات الطائفية والسياسية التقليدية.
كما ينظر جزء كبير من جيل زد العراقي إلى الانتخابات بوصفها وسيلة محدودة التأثير، نتيجة ضعف الثقة بالمؤسسات، وتكرار التجارب الفاشلة في الإصلاح، ما يدفعه نحو أنماط مشاركة غير تقليدية، سواء عبر الاحتجاجات أو المبادرات المجتمعية أو الحملات الرقمية.
الأدوات الرقمية: من التعبئة إلى المراقبة
أصبحت المنصات الرقمية جزءًا من البنية الأساسية للحراك الشبابي العراقي. فمن جمع التبرعات لدعم المصابين، إلى توثيق الانتهاكات، إلى التنسيق بين مناطق متعددة، لعبت هذه الوسائط دورًا حاسمًا.
لكن في المقابل، تطورت أيضًا أدوات المراقبة والقمع الرقمي؛ إذ تُستخدم قوانين فضفاضة، وحملات تخويف إلكترونية، وتسريبات، وتهديدات، إضافة إلى استدعاءات أمنية تستهدف الناشطين، ما خلق بيئة رقمية محفوفة بالمخاطر.
بين الغضب الرقمي وبناء البدائل
يمتلك جيل زد العراقي قدرة لافتة على تحويل الغضب الرقمي إلى فعل سياسي مؤثر، لكنه يصطدم بتحديات بنيوية، أبرزها:
غياب القيادة المنظمة داخل الاحتجاجات،
عدم وجود إطار بديل قادر على منافسة النظام القائم،
الانقسام الاجتماعي العميق،
وانعدام الحماية المؤسسية للناشطين.
وهذا ما يجعل العديد من موجات الاحتجاج العراقية تنجح في لحظة الانفجار، لكنها تتراجع لاحقًا، رغم استمرار الأسباب التي أنتجتها.





