ازدحام انتخابي: ٢٤ مرشحاً يتنافسون على كل مقعد انتخابي!
- KDTS
- 13 يوليو
- 4 دقيقة قراءة

بارومتر العراق/ ضياء ثابت خبير اليونسكو-
أعلنت قبل يومين مفوضية الانتخابات العراقية ان عدد المرشحين لانتخابات مجلس النواب 2025 بلغ 7926 وبحسبة بسيطة نتبين ان معدل التنافس العام على مستوى العراق يبلغ حوالي 24 مرشحًا لكل مقعد (بتقسيم 7926 مرشحًا و 329 مقعدًا). وهو معدل مرتفع جدا ويشير إلى منافسة شرسة في عموم البلاد على مقاعد مجلس النواب.

المحافظات ذات أعلى نسبة تنافس
تاتي محافظة نينوى على رأس القائمة بنسبة 34 مرشحًا يتنافسون على المقعد الواحد. وهي نسبة مرتفعة جدا سببها المكونات المتنوعة في المحافظة والصراع الحزبي الشرس للوصول إلى السلطة.
احتلت بغداد المرتبة الثانية بنسبة 33 مرشحًا لكل مقعد. وهذا متوقع نظراً لكونها العاصمة وأكبر المحافظات من حيث عدد السكان.
ذي قار سجلت نسبة تنافس عالية جعلتها تتربع على المرتبة الثالثة حيث بلغت 30 مرشحًا لكل مقعد، مما يشير إلى سخونة المنافسة فيها، على الرغم من ان نسبة سكانها اقل بكثير من محافظة بغداد والموصل الا انها اقتربت من كلتا المحافظتين بعدد مرشحيها.
بابل تربعت على المقعد الرابع من حيث كثرة المرشحين بنسبة 28 مرشحًا يتنافسون على المقعد الواحد.

المحافظات ذات أدنى نسبة تنافس
سجلت محافظة دهوك أدنى نسبة تنافس بـ 5 مرشحين يتنافسون على المقعد الواحد. قد يشير هذا إلى وجود كتل سياسية قوية أو أن عدد المرشحين المستقلين أو الأحزاب الصغيرة فيها أقل نسبيًا. تليها أربيل بنسبة 7 مرشحين لكل مقعد، مما يؤكد وجود ديناميكية انتخابية مماثلة لدهوك ضمن إقليم كردستان ترعاها الاحزاب المهيمنة التي لم تترك مجالا لتنافس اكبر.
السليمانية ارتفعت قليلا عن محافظات الاقليم بنسبة 8 مرشحين لكل مقعد، هي أيضاً ضمن المحافظات الأقل تنافسية من حيث عدد المرشحين للمقعد الواحد.
يتضح من الجدول الذي اعده فريق بارومتر العراق، ان هنالك تفاوت كبير في حدة المنافسة بين المحافظات. ففي حين تشهد محافظات مثل نينوى وبغداد وذي قار وبابل اقبالاً شديدًا على الترشح للانتخابات، فإن محافظات مثل دهوك وأربيل والسليمانية تشهد اقبالاً أقل. هذا التفاوت انما يعكس كثرة الاحزاب السياسية في مدن وقلتها في مدن اخرى مع سطوة حزبية في محافظات ومرونة اكبر في محافظات اخرى.
ان هذه المعادلة تقودنا إلى بعض الاستنتاجات الأساسية؛ واولها، ان العتبة الانتخابية وفق نظام سانت ليغو المعدل للفوز، ستحكمها تراتبية (التوزيع العددي المعياري للاصوات مناطقيا/ الاصوات التخمينية لكل مرشح) مقرونة بعدد المرشحين المنافسين داخل قائمته الانتخابية، ان كان ضمن كيان او تحالف انتخابي. وان لم يكن هذا المبدء ثابتا، إلا انه قاعدة نسبية للتوزيع، وعلى المرشح ان يضع في هدفه عبور عتبة 11 الف صوت بالنسبة للموصل، و30 الف بالنسبة لبغداد. وهما أنموذجين مختارين للتحليل والقياس بناءا على (عدد الناخبين في الدائرة الانتخابية/عدد المقاعد/عدد المرشحين لكل دائرة انتخابية=عدد الأصوات التخمينية لنيل مقعد برلماني).
لتوسيع بيان المسألة وتحليل أثر نظام سانت ليغو المعدل والعتبة الانتخابية في انتخابات العراق البرلمانية المقبلة لعام 2025، يمكننا بناء قراءة تحليلية استنادًا إلى فهم معادلة العتبة الانتخابية في نظام سانت ليغو المعدل، لتوزيع المقاعد النيابية على القوائم والتحالفات والأفراد وفق تراتبية نسبية تراعي حجم الأصوات مقارنة بعدد المقاعد وعدد المتنافسين. وبذلك، فإن الفوز بمقعد نيابي لا يخضع فقط لعدد الأصوات التي يحصل عليها المرشح، بل يتأثر بعوامل أخرى مثل:
عدد المرشحين في نفس الدائرة من نفس القائمة/التحالف
إجمالي عدد الناخبين في الدائرة الانتخابية
عدد المقاعد المخصصة للدائرة
عدد القوائم المتنافسة وعدد المقاعد المتاحة لها حسب نتائج التصويت
مستوى تشتيت الأصوات بين المرشحين والقوائم
كوتا المرأة في نفس قائمة المرشح او القوائم الأخرى
واذا ما نفذنا تطبيق تحليلي على حالتين – بغداد والموصل يمكننا استخدام معادلة تقريبية لتقدير العتبة اللازمة للفوز(Safety Margin) نستثني منها المشرحات النساء لان عتبتهن تحكمها معادلة اكثر تعقيدا لكن الاصوات تكون اقل لنيل الفوز:
محافظة نينوى
عدد المقاعد في انتخابات 2021: 31 مقعدًا
عدد المرشحين في 2021: حوالي 900 مرشح
عدد الناخبين: نحو 1.6 مليون ناخب، نسبة التصويت تقارب 40% ⇒ حوالي 640,000 صوت
العتبة التقديرية للمقعد ≈ 640,000 / 31 = 20,645 صوتًا
لكن بسبب التشتت الكبير في الأصوات، تمكن مرشحون من الفوز بأقل من 10,000 صوت أحيانًا.
المرشح الجاد في نينوى 2025 عليه أن يضع في حسبانه الوصول إلى عتبة 11,000 صوت كحد أمانٍ تنافسي، خاصة إن كان ضمن كيان فيه مرشحين كثر يقاسمونه رصيد القائمة.
محافظة بغداد
عدد المقاعد في 2021: 69 مقعدًا
عدد المرشحين: تجاوز 2,000 مرشح
عدد الناخبين المسجلين: قرابة 8 ملايين، نسبة المشاركة أقل من 35% ⇒ 2.8 مليون صوت
العتبة التقديرية ≈ 2,800,000 / 69 = 40,579 صوتًا
لكن فعليًا، بعض المرشحين فازوا في 2021 ببغداد بما يقارب 22,000 إلى 28,000 صوت، وأحيانًا أقل من هذا الرقم إذا كان هناك تحالف قوي مستفيد من توزيع المقاعد وفق القوائم.
الحد الأدنى التنافسي في بغداد للفوز بمقعد في 2025 يمكن تقديره بـ 30,000 صوت ضمن شروط تنافس متقاربة مع 2021. بلغت نسبة التشتيت في الاصوات اكثر من 33% في بغداد عام 2021.
ان نظام سانت ليغو المعدل يقلل من حظوظ الأفراد ويمنح ميزة نسبية للقوائم ذات التنظيم الجيد. في الدوائر ذات التنافس العالي (بغداد، نينوى، ذي قار)، العتبة تكون أعلى. في الدوائر الصغيرة (المثنى، ميسان، القادسية)، قد يفوز مرشحون بأصوات أقل كثيرًا.
ماذا يعني ذلك في انتخابات 2025؟
المرشح الفردي المستقل يجب أن يحقق مستوى من الأصوات يتجاوز المتوسط المحلي للعتبة، خصوصًا إن لم يكن مدعومًا من قائمة قوية. المرشح ضمن تحالف بحاجة ليس فقط إلى تحقيق رقم جيد شخصيًا، بل أن يكون في موقع متقدم في قائمته، لأن توزيع المقاعد يجري على مستوى القوائم أولًا ثم حسب ترتيب المرشحين بناء على ما حققوه من اصوات.
لابد من الأخذ بنظر الاعتبار ان العتبة الانتخابية ليست ثابتة، بل تتغير حسب نسبة المشاركة وعدد المقاعد والمرشحين في كل دائرة. كما ان المرشح عليه أن يستهدف عتبة آمنة (Safety Margin) وهي بطبيعة الحال تختلف من محافظة لأخرى. وتتغير المعادلة من مكان إلى آخر بناء على الإقبال على الاقتراع او الإحجام عنه.
اخيراً نقول انها ستكون مهمة عسيرة على المرشحين للتنافس على الناخبين ونيل اصواتهم في ظل وضع تتلاطم فيه امواج من خيبة الامل والعزوف عن الاقتراع، فيما تنشط ادوات من يملك المال والسلطة لجر الميول الانتخابية جرا إلى صندوقه الانتخابي.
انتهى!