top of page

الاحتضان الإسرائيلي للطموح الكردي: تحالف استراتيجي أم لعبة استخباراتية؟

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 31 يوليو
  • 2 دقيقة قراءة
صورة ماخوذة من صفحة روداو وسيلة اعلام نيجرفان بارزاني
صورة ماخوذة من صفحة روداو وسيلة اعلام نيجرفان بارزاني

بارومتر العراق/ كتب غيث الكبير-

يطل علينا يائير نتنياهو، نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بمنشور استفزازي جديد، يحمل فيه علم “كوردستان” ويتغنى بـ”القضية الكردية” باعتبارها “قضية شعب بلا دولة”. تصريحات يائير لم تكن عفوية، بل تندرج ضمن نهج إسرائيلي ثابت في استغلال التصدعات داخل الدول العربية، وبناء تحالفات وظيفية مع الأقليات الطامحة إلى الاستقلال أو الانفصال في وقت تتصاعد فيه التوترات الإقليمية وتتشابك التحالفات بطرق غير مسبوقة.

ان تاريخ العلاقات الكردية-الإسرائيلية ليس وليد اليوم. فمنذ خمسينيات القرن الماضي، دأبت تل أبيب على دعم الأحزاب الكردية المسلحة، بالمال والسلاح والتدريب، وذلك ضمن إطار ما يُعرف بـ”الاستراتيجية المحيطية” التي تتبناها إسرائيل لاختراق الدول العربية من أطرافها. وفي كل مرة تضعف فيها الدولة العراقية أو تنشغل في صراعات داخلية، تعود إسرائيل إلى الواجهة داعمةً لأكراد الشمال، مطلقة العنان لخطاب “حق تقرير المصير” الذي لا تطبقه على الفلسطينيين.

تصريحات يائير نتنياهو ليست سوى حلقة جديدة في مسلسل طويل من الدعم الصهيوني لطموحات كردية انفصالية، يتم ترويجها عبر منصات الإعلام الكردي وكأنها تمثل “الاعتراف الدولي”، في حين أن من يقف خلفها هو ذات النظام الذي يمارس أبشع أشكال الاحتلال على أرض فلسطين.

إن تلويح يائير بعلم كوردستان وطرح تساؤلات عن غياب اعتراف الدول الأوروبية باستقلالها، ليس دفاعاً عن حقوق الأقليات، بل محاولة جديدة لتغذية النزعات الانفصالية وتكريس واقع التقسيم في العراق وسوريا.

لكن السؤال الحقيقي هو: لماذا تحظى كوردستان بهذا الدعم غير المسبوق من إسرائيل؟

لأنها منطقة غنية بالموارد الطبيعية، خصوصاً النفط والغاز.

لأنها تشكل حاجزاً جغرافياً بين إيران وسوريا والعراق، وهو ما يخدم المصالح الأمنية لإسرائيل.

لأنها بوابة لتطويق تركيا من الجنوب، في ظل توتر العلاقات التركية-الإسرائيلية.

ولأن قيادات كردية بارزة لطالما فتحت قنوات اتصال سرية وعلنية مع إسرائيل، من تل أبيب إلى أربيل.

ازدواجية المعايير الكردية: بين بغداد وتل أبيب

رغم أن القيادات الكردية تشدد في العلن على وحدة العراق واحترام سيادته، إلا أن تكرار الظهور الكردي في الإعلام الإسرائيلي، واستقبال وفود إسرائيلية “غير رسمية” في أربيل، والدعوات المتكررة لفتح قنصلية إسرائيلية، تؤكد أن هناك مشروعًا سياسيًا قيد التبلور.

فمن جهة، تتلقى أربيل الدعم من بغداد من حيث الميزانية والدعم الأمني والسياسي، ومن جهة أخرى، تغازل تل أبيب علناً، وتروج لفكرة الانفصال كلما توفرت الفرصة.

تساءل يائير نتنياهو في منشوره: لماذا لم تعترف فرنسا وإسبانيا وكندا وغيرها بكوردستان؟

لأن هذه الدول تعلم جيداً أن الاعتراف بدولة كردية يعني تفجير منطقة الشرق الأوسط بالكامل، وزعزعة الأمن الإقليمي، وفتح الباب أمام موجات انفصال أخرى تهدد وحدة عدة دول.

هذه الدول ليست غافلة عن الدعم الإسرائيلي للأكراد، ولكنها – على عكس تل أبيب – تدرك أن الحل لا يكون عبر خلق كيانات وظيفية جديدة تابعة للغرب، بل عبر دعم الاستقرار والحوار داخل الدول الأم.

إن محاولات إسرائيل اللعب على الورقة الكردية ليست جديدة، لكنها تزداد خطورة في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة. وهنا تقع المسؤولية على عاتق الحكومة العراقية والقوى الوطنية لفضح هذا التحالف المشبوه بين بعض القيادات الكردية والنظام الإسرائيلي، ورفض أي مشروع تقسيمي يتم تسويقه تحت عباءة “حقوق الأقليات”.

كوردستان ليست قضية شعب بلا دولة كما يروج له، بل مشروع جيوسياسي يتم التلاعب به من قبل القوى التي لا تبحث عن العدالة، بل عن الهيمنة.

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page