التجار يطرقون أبواب البرلمان: هل يعيد رأس المال رسم الخارطة الانتخابية في 2025
- KDTS
- 7 أغسطس
- 2 دقيقة قراءة

بارومتر العراق/ كتب ضياء ثابت-
في ظاهرة جديدة على الممارسة الانتخابية في العراق، تشهد المرحلة الانتخابات العراقية المرتقبة في 2025 دخولًا غير مسبوق لأصحاب المال والنفوذ الاقتصادي؛ أكثر من 50 تاجرًا ومالك شركة كبرى قرروا ترك مكاتبهم الإدارية ودفاترهم المالية مؤقتًا، لينضموا إلى ساحة تعج بالصراعات السياسية والوعود الشعبية. وحدها بغداد احتضنت أكثر من 20 مرشحًا من هذه الفئة، ما أثار تساؤلات جدية حول مستقبل العملية السياسية والبرلمانية في العراق.
من “مضيف العشيرة” إلى “الميزانية”
قبل أقل من عقد، اقتحم شيوخ العشائر المشهد السياسي عبر بوابة الانتخابات، فكان لهم حضور صاخب في دورات 2018 و2021، لكن أغلب المراقبين يُجمعون على أن دخولهم لم يضف للسياسة بقدر ما أضاف للانقسام الاجتماعي والعشائري؛ فأوقدت الفتنة الانتخابية بين مضارب القبائل وأشعلت سباقًا داخل البيوتات العشائرية، وقادت إلى ظاهرة تفريخ (الشيوخ) التي اكتسحت مجتمعنا!.
اليوم، يتبع التجار وملاك الشركات المسار ذاته، ولكن على نغمة مختلفة، (رأس المال السياسي)، حيث لا وعود عاطفية أو فزعات قبلية، بل تحالفات مدروسة وصفقات انتخابية مع الأحزاب الكبرى التي ترى في هؤلاء رافعة تمويلية لحملاتها، وربما بوابة لتثبيت النفوذ الحزبي في المحافظات الحضرية من خلال زواج موقت بين قطاع المال والأعمال وقطاع السياسة.
البرلمان ليس مطمعًا ماليًا… إذًا لماذا يدخلونه؟
اللافت أن دخول هؤلاء لا يرتبط براتب برلماني لا يساوي شيئًا أمام موازناتهم اليومية، او امتيازاتهم الأخرى، بل هو سعي مخطط نحو السلطة التشريعية بغرض حماية مصالحهم، والتأثير على المسارات الاقتصادية للدولة، بدءًا من الضرائب، مرورًا بالاستثمار، وليس انتهاءً بسياسات الجمارك والمناقصات.
التأثير المتوقع
إذا نجح التجار في حجز مقاعدهم داخل مجلس النواب، فإن السيناريو الأقرب هو تحول البرلمان إلى غرفة تجارة واتحاد مال وأعمال بزي برلماني، تعتمل داخله مصالح غير معلنة وأخرى معلنة، حيث يمكن تمرير قوانين أو تعطيل أخرى بما يخدم كارتلات تجارية كبرى. الأثر الأخطر يكمن في احتمالية إعادة تشكيل السياسات النقدية والمالية في البلاد من تحت قبة البرلمان، وليس من خلف أبواب البنك المركزي. وقد نشهد تحول الرئاسات الثلاث إلى رجال أعمال بدلا من تبني رجال اعمال.
هل يتكرر سيناريو “العشيرة” ولكن بربطة عنق؟
ما حدث مع الشيوخ قد يتكرر، ولكن بثوب مدني وعناوين اقتصادية، شركات تسوّق نفسها بوصفها الحاضن الأنجح للتنمية، ورجال أعمال يعدون بـ”تشغيل الشباب” و”جلب الاستثمارات”، وهي شعارات براقة لكنها قد تُخفي نزعات احتكارية خطيرة إذا لم تُضبط تشريعيًا ورقابيًا.
تقول الاخبار إن فريقا من التجار الأتراك ومثلهم من الصين يعملون على دفع شركاء وموردين عراقيين لدخول هذا العالم وخوض غمار الانتخابات علهم يحققون رقما يأخذهم إلى داخل قبة البرلمان، فتتم الصفقات وتتحقق الاهداف على مستوى السياسة التجارية للبلد بما تريده هذه الكارتيلات.
هل سيُعيد هؤلاء صياغة الدولة الاقتصادية أم سيدفعونها نحو المزيد من تآكل العدالة الضريبية والمنافسة الشريفة؟ وهل ستُصبح السلطة التشريعية، بفعل المال، حلبة لتكريس النفوذ بدلاً من تقنين العدالة؟
وفق مبدء حرية المشاركة السياسية، فإن دخول التجار لعالم السياسة ليس جريمة، ولكن صناعة التوازن بين المال والرقابة هي التحدي الحقيقي. فالتشريع حين يُدار من قبل من سيتأثر به مباشرة، يتحول من أداة تنظيم إلى وسيلة تمكين… وربما احتكار.
انتهى.