top of page

الذكاء الاصطناعي يطيح بشعبية رئيس الوزراء على منصات التواصل الاجتماعي

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 2 سبتمبر
  • 4 دقيقة قراءة
نسب التعليقات والإعجابات ضعيفة!
نسب التعليقات والإعجابات ضعيفة!

 

بارومتر العراق/ ضياء ثابت-

يحصل خلال الأشهر الأخيرة تراجعاً ملحوظاً وغير مسبوق في شعبية الصفحات الرسمية لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني على منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية، لا سيما فيسبوك (Meta ومنصة  "إكس" )، في سابقة لم تحصل مع اي رئيس وزراء سابق تخص حضوره الرقمي. ويُلاحظ هذا التراجع ليس فقط في عدد الإعجابات والتفاعلات، بل أيضاً في نسب الوصول Reach Rate إلى الجمهور المستهدف، بما يتجاوز التقلبات الطبيعية في الأداء الرقمي. 

ومن خلال مشروع "تواصل وإعلام مجتمعي من اجل السلام"، الذي يهدف إلى رصد وتحليل التأثيرات الخاصة بالمنصات الرقمية من خلال سياسات تعديل المحتوى والتلاعب الخوارزمي وأثرها على مجتمع مستخدمي التواصل الاجتماعي في العراق، قد تم توثيق حالة تدهور غير مبرر في الحضور الرقمي للسوداني، بالمقارنة مع شخصيات أخرى. 

ومن الأسباب المحتملة لهذا التراجع، دور الفقاعات الرقمية والتحيز الخوارزمي، وتأثير الهندسة المجتمعية العكسية والخدمات الرقمية المدفوعة في تحييد الحضور الإعلامي للشخصيات الحكومية، لا سيما في سياق استعدادات الانتخابات النيابية المقبلة المقررة في أكتوبر 2025.


مؤشرات تراجع الحضور الرقمي لرئيس الوزراء

تم جمع البيانات من الصفحات الرسمية لرئيس الوزراء على فيسبوك وتويتر (إكس) للفترة من آذار إلى أب 2025، بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام 2024

 

موشرات رقمية
موشرات رقمية

كما أظهر تحليل المحتوى أن 92% من المنشورات الرسمية لرئيس الوزراء لا تصل إلى أكثر من 5% من متابعي الصفحات، حتى عند احتوائها على خطابات رسمية أو قرارات حكومية مهمة.


التحيز الخوارزمي Algorithmic Bias

أظهر تحليل معمق لآليات التوزيع في منصات فيسبوك وتويتر أن الخوارزميات تعتمد على نماذج تعلم آلي (Machine Learning) تعزز المحتوى ذا"الاستجابة العاطفية العالية" (High Emotional Engagement)، بغض النظر عن دقة المحتوى أو طبيعته الرسمية. 

وهذا يخلق بيئة تفضّل المحتوى الاستفزازي، الشائعات أو الادعاءات غير الموثقة، الشخصيات التي تُدار حملات رقمية منظمة ضدها. وفي حالة رئيس الوزراء، فإن المحتوى الرسمي والهادئ لا يُحفّز التفاعل الفوري، مما يؤدي إلى تصنيفه كـ"منخفض الجاذبية" من قبل الخوارزميات، وبالتالي تقليل نسب الوصول بشكل تلقائي.


الفقاعات الرقمية Digital Bubbles

يوكد التقرير أن الجمهور العراقي يعيش داخل فقاعات رقمية مغلقة تتوالد ذاتيا، تتشكل عبر تفاعل مستمر مع مصادر محددة (صفحات سياسية، دينية، طائفية). وتتجاهل المصادر الرسمية أو الحكومية، مع التركيز على أنماط ترويج محتوى يُعزز الانقسام الاجتماعي والسياسي.

وقد تم رصد أن 78% من متابعي الصفحات السياسية الكبرى لا يتفاعلون مع أي محتوى حكومي رسمي، حتى عند تضمينه روابط مباشرة أو إشعارات دفع Push Notifications


الهندسة المجتمعية العكسية Reverse Social Engineering

كشف الرصد عن وجود نمط متكرر من التلاعب الرقمي عبر إنشاء شبكات وهمية Bot Networks  تدار من جهات غير معلنة. تقوم بعمليات تضخيم محتوى ينتقد الحكومة أو يُشكك في أدائها عبر استخدام حسابات "ذات مصداقية ظاهرية" (Influencers مزيفة) للتأثير في الرأي العام.

وقد لوحظ أن هذه الشبكات تعمل على تثبيط التفاعل مع أي منشور حكومي عبر تقييم سلبي تلقائي (Negative Sentiment Amplification). وهنالك عمليات (إغراق الخلاصات  Feeds ) بمحتوى مضاد، او من خلال توليد تغريدات تدعو إلى "تجاهل" أو "عدم الثقة" بالرسائل الرسمية.


الدور المحتمل للخدمات الرقمية المدفوعة

أظهرت التحقيقات أن بعض الجهات السياسية والاقتصادية تستخدم خدمات رقمية مدفوعة الثمن تُقدَّم من شركات عالمية متخصصة في إدارة السمعة الرقمية (Reputation Management) أو التأثير في الرأي العام (Influence Operations)

وتشمل هذه الخدمات أدوات شراء تفاعلات وهمية (Likes, Shares, Retweets)، وتضخيم حملات تشويه رقمية، توظيف "وكلاء ذكاء اصطناعي" AI Agentsلمحاكاة ردود فعل جماهيرية سواء بطرق تقليدية او عبر مزارع الذكاء الاصطناعي.

وقد تم رصد نشاطات مشبوهة لشركات رقمية مسجلة في دول خليجية وفي تركيا وافغانستان تدير حملات منظمة ضد شخصيات حكومية وغير حكومية عراقية، بينما تُعزز من حضور شخصيات معارضة أو منافسة، خصوصاً في سياق الانتخابات النيابية.


الآثار المتوقعة على العملية الانتخابية المقبلة (أكتوبر 2025)

يُتوقع أن يكون لهذا التراجع الرقمي تأثيرات كبيرة على مستويات متعددة، ليس أولها تقويض الترويج الانتخابي، وعدم قدرة رئيس الوزراء على إيصال برنامجه الإصلاحي أو إنجازاته الحكومية إلى الشريحة الواسعة من الناخبين. مع هيمنة الخطابات السلبية أو المغلوطة في الفضاء الرقمي، مما يضعف من غايات وصول صور إيجابية للحكومة.

تاتي محاولات إضعاف الثقة العامة ضمن الآثار المحتملة، حيث ان غياب الحضور الرقمي يُفسر من قبل الجمهور على أنه "انعزال" أو "لامبالاة"، حتى لو كان غير دقيق مع تعزيز الصورة النمطية عن "عدم شفافية الحكومة".

تمكين القوى المنافسة هو من الآثار المرصودة أيضا اذ تقوم بعض الكتل السياسية المنافسة باستثمار الحملات الرقمية الممولة. بعض هذه الكتل تستخدم خوارزميات التحفيز العاطفي لجذب الشباب، بينما يُستبعد الخطاب الرسمي، مع محاولة زيادة الفجوة بين الواقع والصورة الرقمية. 

قد يُسجل رئيس الوزراء إنجازات حقيقية (اقتصادية، أمنية، خدمية)، لكنها لا تُترجم إلى الجمهور الرقمي، وغالبيته من الشباب الذين يقضون على اجهزتهم الذكية أكثر من ١٤ ساعة يوميا منعزلين في نطاق غير منظور محليا وحكوميا وله أثره على الدعم الانتخابي.

إن تراجع شعبية رئيس الوزراء محمد شياع السوداني على منصات التواصل الاجتماعي ليس انعكاساً بالضرورة لشعبيته الحقيقية، بل هو نتيجة تراكمية لعوامل تقنية وسياسية معقدة، أهمها التحيز الخوارزمي والفقاعات الرقمية والهندسة المجتمعية العكسية. 

ويُشكل هذا التحدي تهديداً حقيقياً لشفافية العملية الانتخابية، حيث يُمكن أن تُسخّر التقنية لصالح جهات بعينها، وتُهمّش شخصيات حكومية بارزة.  لذلك، فإن التصدي لهذا التحدي يتطلب ليس فقط فهماً تقنياً عميقاً، بل أيضاً إرادة سياسية لبناء بيئة رقمية عادلة ومتوازنة، وتأسيس منظومة متخصصة في رصد سياسات المنصات الرقمية وأثرها على المجتمع العراقي وسيادته السيبرانية، خصوصاً في مرحلة حاسمة كانتخابات 2025.

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page