السنة في العراق يخسرون معركتين في آنٍ واحد: الوجود الرقمي والتأثير السياسي
- KDTS
- 12 يونيو
- 2 دقيقة قراءة
بارومتر العراق/ فريق المتابعة الرقمية
في زمنٍ أصبحت فيه السياسة تصنع بناء على التفاعل الرقمي الشعبي، وتطلق في هذا الفضاء ولجمهوره قبل أن تُناقش في قاعات البرلمان، يبدو أن الساسة السنة في العراق يقفون على هامش المشهد الرقمي، في انعكاس مقلق لحضورهم السياسي على الأرض. بيانات حديثة أظهرت أن مجموع متابعي أبرز الشخصيات السنية على منصات التواصل الاجتماعي لا يتجاوز 3 ملايين متابع، من أصل 6-7 مليون مستخدم للأنترنت والتواصل الرقمي للمجتمع السني العراقي، وهو رقم بالكاد يُقارب ثقلهم الانتخابي مما يسلط الضوء على أزمة مزدوجة تتمثل في (غياب الجمهور، وغياب من يمثّله رقميًا).
الأرقام لا تكذب… لكنها تصرخ
من بين أبرز الشخصيات، يتصدر محمد الحلبوسي القائمة بـ1.9 مليون متابع، يليه مثنى السامرائي بعدد مماثل من المتابعين ، ثم خميس الخنجر بمليون، أما البقية فينخفض حضورهم تدريجيًا إلى أن نصل إلى شخصيات مثل محمود المشهداني الذي لا يتجاوز عدد متابعيه 2.6 ألف فقط.
هذا الضعف في التفاعل الرقمي لا يعكس فقط فجوة تواصل بين السياسي والمواطن، بل يدل على غياب استراتيجيات رقمية واعية لدى الطبقة السياسية السنية، في وقت باتت فيه الصورة والتغريدة و"الترند" أدوات انتخابية لا تقل أهمية عن التحالفات والبرامج السياسية.
غياب الجمهور أم غياب التأثير؟
اللافت أن عدد المتابعين الكلي لكل السياسيين السنة في القائمة لا يتجاوز سقف الجمهور السني المفترض في الفضاء الرقمي، مما يطرح تساؤلات جوهرية (هل يعاني الجمهور السني من التهميش الرقمي؟ أم أن الإحباط السياسي دفعه للعزوف عن متابعة ممثليه؟). في كلتا الحالتين، فإن الحضور الرقمي الخافت لهذا الجمهور وللساسة الذين يدّعون تمثيله، يُعد مؤشراً خطيراً على ضعف تأثير المكون في الفضاء الرقمي العام في البلد.
الشيعة أيضاً يعانون... ولكن
صحيح أن حضور القادة الشيعة في الفضاء الرقمي لا يزال دون الطموح مقارنة بعدد جمهورهم الكبير، إلا أن مقارنة بسيطة توضح الفارق، بعض الشخصيات الشيعية الفردية تتجاوز وحدها أرقام المتابعين التي يحوزها مجمل الساسة السنة مجتمعين. فعمار الحكيم او مقتدى الصدر كل واحد منهم يتجاوز عدد متابعي الشخصيات السنية في العراق مجتمعين! بمعنى آخر، إن كان الساسة الشيعة متأخرين رقمياً، فإن الساسة السنة غائبون تقريبًا.
الانتخابات تقترب... والمشهد لا يبشر بخير
مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في 2025، لا يمكن للساسة أن يتجاهلوا هذا الواقع. فالتأثير الانتخابي لم يعد فقط في الميدان، بل في العقول، والعقول اليوم تصوغ آراءها مما تشاهده وتناقشه على فيسبوك، تيك توك، إكس، وإنستغرام. الغياب عن هذه المنصات يعني عملياً الخروج من المنافسة المسبقة على كسب واستقطاب الرأي العام.
لماذا هذا التراجع؟
أسباب هذا الغياب المتفاقم متعددة:
ضعف الاستثمار في فرق الإعلام الرقمي المحترفة.
رؤية تقليدية لدى القيادات السنية تجاه أدوات الاتصال الحديثة.
تردد في خوض معارك السردية والخطاب الرقمي وسط بيئة سياسية متوترة.
انقسام جمهور السنة سياسياً وطائفياً وعشائرياً، مما صعّب تكوين جمهور رقمي موحد أو فاعل.
انشغال الساسة السنة بالدليمية والمناسف واحتفالات الجوبي.
الطريق إلى التفوق الرقمي
إن أي محاولة لاستعادة الحضور السياسي السني الجاد، يجب أن تمر عبر استعادة الوعي الرقمي، فصناعة الخطاب، وقيادة الرأي، والتأثير في توجهات الناخبين، لم تعد تعتمد على بيانات انتخابية تقليدية، بل على معرفة دقيقة بسلوك الجمهور في الفضاء الرقمي، والتواجد حيث يتخذ الجمهور قراراتهم على هواتفهم. يبدو أن السنة في العراق يخسرون معركتين في آنٍ واحد: معركة الوجود الرقمي، ومعركة التأثير السياسي. وإن لم يُدرك قادتهم ذلك سريعًا، فقد تكون صناديق 2025 أكثر قسوة من كل التوقعات.
للحصول على التقرير كاملا: https://www.iraqi-barometer.org/book-online