top of page

السوداني… من المقعد الوحيد إلى الولاية الثانية

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 12 يوليو
  • 3 دقيقة قراءة
ree

بارومتر العراقق/ ابو ضي -

ماذا يعني انتقال أكثر من 50 نائبًا إلى تكتل جديد أسسه السوداني؟

يُحسب للسوداني المهارة العالية في الصبر والبناء بصمت. بدأ برئيس وزراء محدود الصلاحية الحزبية ومقعد نيابي يتيم، لكنه اليوم يملك كتلة برلمانية كبيرة جاهزة دون انتخابات، وهي تشبه كثيرًا مجسمات الليغو(ملونة، مركبة)، لكن لا أحد يعرف فيما لو كانت ستصمد!

هل نحن أمام هندسة جديدة للسلطة، تنقل الحكومة إلى موقع “الكتلة الأكبر” في نهاية عمرها وبدون صناديق اقتراع؟

هل تم اختراع شكل جديد من التحالفات السياسية تحت عنوان “الرقص على الحبال”؟ أم أن اللعبة باتت أبسط عبر التمسك بأذيال من يملك المال والدولة !

نحن امام فصل جديد من فصول مجلس النواب العراقي التي لا تنقصها الدراما ولا المفارقات، حيث قرر أكثر من خمسين نائبًا خلع عباءات كتلهم الأصلية التي أوصلتهم إلى قبة البرلمان، ليرتدوا – وعلى عجل – سترات النجاة لركوب قارب تحالف محمد شياع السوداني، الذي دخل هذه الدورة البرلمانية بمقعد يتيم بالكاد يُرى بالمجهر النيابي، قبل أن يصعد إلى سدة الحكم بترشيح من “الإطار التنسيقي”، لا من صندوق الاقتراع.

وكأننا أمام عرض مسرحي كوميدي؛ نواب، بعضهم رُوِّج لهم سابقًا كأيقونات حزبية وشخصيات ناطقة بلسان الجماهير، باتوا اليوم يرقصون على منصة تكتل جديد، أسس على عجل، ويبدو أنه جاء لا ليخدم تشريعًا أو رقابة، بل ليخدم تجديداً لرئيس الوزراء، ولرسم موازين القوى داخل البرلمان لصالح السوداني، مما يمنحه قاعدة برلمانية أكبر قد يستخدمها في دعم حكومته لما تبقى من عمرها ولدعم حملته الانتخابية عبر هولاء النواب.

انه تحول سياسي كبير في الولاء والانتماء الحزبي، حيث يتحول النواب من الكيانات التي أوصلتهم للبرلمان إلى محور جديد يحاول تثبيت موقعه في المشهد السياسي قبيل الانتخابات المقبلة. هندسة تكتل سلطوي جديد بوسائل ناعمة (ضم النواب) عوضًا عن التحالفات الانتخابية الطبيعية، وقد يُفهم كتهيئة لمرحلة ما بعد الانتخابات.

هل في ذلك مخالفة دستورية؟

بطبيعة الحال لا توجد مخالفة دستورية مباشرة، لأن الدستور العراقي لا ينص على إلزام النائب بالبقاء ضمن كتلته أو حزبه بعد انتخابه، ولكن هذه الخطوة تمس سلبا جوهر “الشرعية التمثيلية للبرلمان”، أي أن النائب يمثل الناخب الذي منحه الثقة بناءً على هوية سياسية معينة وبتغيير هويته بهذا الشكل فإنه بلا شك ضرب ثقة الناخب.

هل هناك مخالفة لقانون مجلس النواب؟

قانون مجلس النواب رقم (13) لسنة 2018 (المعدل) لا يتضمن نصًا صريحًا يمنع النائب من الانسحاب من كتلته أو تغيير موقعه النيابي، ولكن هناك تفسير سياسي وقانوني للمادة التي تنظم تشكيل الكتل البرلمانية داخل البرلمان، وهي تُركّز على الكتل التي تُشكَّل بعد الانتخابات لتحديد “الكتلة الأكبر”. وهذا يعني أن تغيير المواقع لا يُعد مخالفة قانونية، لكنه قد يُستخدم لأغراض غير شفافة أو غير مبدئية.

هل هناك إساءة لثقة الجمهور؟

الجمهور انتخب نوابه على أساس انتمائهم لحزب أو تحالف معين، والانتقال إلى تكتل جديد في أواخر الدورة البرلمانية يُفقد العملية الانتخابية معناها التمثيلي الحقيقي، ويمثل انتهازًا سياسيًا. اذ سيشعر الناخب بأنه خُدع، خصوصًا إذا اختلفت سياسات التكتل الجديد جذريًا عن التكتل الأصلي. وهذا الأمر سيطيح بشعبية هولاء المتحولين سيما وأن الخطوة تفسر حاليا على انها هروب من المواجهة التي تقودها احزاب الاطار التنسيقي ضد امريكا، والتخلي عن تلك الاحزاب للانتقال إلى ضفة تحاول ان تتقرب من المعسكر الغربي على حساب محور المقاومة.

هل يمكن أن يتعرضوا للمساءلة القانونية من قبل أحزابهم؟

من الناحية القانونية لا، لأن المقعد البرلماني يعود للنائب وليس للحزب حسب القانون العراقي (خلافًا لبعض الأنظمة التي تعتمد نظام القوائم المغلقة). ومن الناحية الحزبية يمكن أن تُتخذ إجراءات تأديبية أو فصل النائب من الحزب، ولكن لا يمكن سحب المقعد البرلماني منه. انتخابيا، يمكن للأحزاب الأصلية استخدام هذه السابقة ضد هؤلاء النواب في الحملات الانتخابية القادمة.

هل هذه السابقة تُضر بالبروتوكولات البرلمانية؟

نعم، إلى حد كبير، خصوصًا أن التكتلات والتحالفات تُفترض أن تقوم قبل الانتخابات أو في بداية تشكيل الحكومة. حصول ذلك في أواخر عمر البرلمان يجعل منه فعلاً مصلحيًا أكثر من كونه فعلًا مبدئيًا، ويؤسس لأعراف برلمانية غير مستقرة. ومع أن الأمر حصل سابقًا (مع تحالفات سنية في بداية الدورة الانتخابية الحالية)، فإن تكراره بهذا الشكل وعلى هذا النطاق الكبير يُشكل تهديدًا للبنية الحزبية ومبدأ الثبات البرلماني.

هذه الخطوة هي محاولة لشرعنة مشروع السوداني سياسيًا عبر خلق “كتلة برلمانية” داعمة لتحالفه ومطلب الولاية الثانية قبيل الانتخابات، وقد تكون بروفة مبكرة لتحالف انتخابي بغطاء برلماني.

لكنها في الوقت ذاته تكشف هشاشة البنية الحزبية العراقية، وتُعرّي الأزمة الأخلاقية في التمثيل النيابي، وتُعمق أزمة الثقة بين الناخب والمُنتخب.

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page