top of page

الشلل الاجتماعي في العراق: حين يتحول الشعب إلى جثة حية داخل وطن منهوب!

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 23 يوليو
  • 2 دقيقة قراءة

ree

بارومتر العراقي/ كتب ضياء ثابت-

يعيش العراق أزمة إنسانية تتجاوز مفاهيم الفقر والجوع والعنف، ازمة أكثر خطورة ونادرة الحدوث في المجتمعات، إلا وهي الشلل الاجتماعي. ليست هذه الحالة المرضية التي يعانيها المجتمع إلا نتاجًا لنظرية سياسية خبيثة، بدأ العمل بها منذ زمن النظام المقبور، وتطورت بعد 2005 حتى وصلت اليوم إلى مراحل متقدمة تطمس وعي المواطن وتقتل إحساسه.

جوهر هذه النظرية بسيط وخطير في آنٍ معًا، كثرة الصدمات تقتل الشعور. كما يفقد الجسد الإحساس بالعضو الذي يتعرض للضرب بشكل مستمر، كذلك يفقد المجتمع قدرته على تمييز الأذى حين يتلقى الضربات واحدة تلو الأخرى، دون توقف، ودون معالجة، ودون اعتراف بالضرر.

لقد وصلنا بفضل الشلل الاجتماعي إلى مرحلة افراغ الوطن من سيادته شيئا فشيئا.

الكويت، أصغر دول الجوار العراقي وأضعفها تنتزع منفذنا البحري الوحيد، بـ”موافقة رسمية” عراقية، وعلى خلاف إرادة الشعب يتم التوغل في أراضيه ومياهه!.

تركيا تغلق صمام النفط وتخنق دجلة وتجفف الفرات، وتستقوي بثأر عائلي عابر للتاريخ والجغرافيا، مستغلة اذرعها القومية والطائفية في الوطن.

إيران ودول الخليج يقتسمون النفوذ والولاءات، و”أحزابنا الوطنية” تهرول لخدمة برامجهم، باسم “المقاومة” تارة، وباسم “الأخوة السنية” تارة أخرى، وباسم “الشراكة الاستراتيجية” تارة ثالثة.

الأردن تنال ما تريد منا، وسوريا تحت جولانيها بدات تشغل أدواتها لتاخذ هي الأخرى من خيرات الشعب!.

المجتمع تحت الصدمة، بلا ردة فعل!. تتوالى الضربات، وتُنسف الكرامة، وتُغتصب الأرض، ويُهان التاريخ، بينما المجتمع يبتسم ببرود، أو يواصل حياته وكأن شيئًا لم يحدث.

هذا هو الشلل الاجتماعي. حالة من التبلد الجمعي واللا اكتراث الوطني وغياب الغضب المشروع. لا مظاهرات كبرى. لا ثورات فكرية. لا مشاريع تغيير. فقط أصوات فردية تُهمَّش وتُحاصَر أو تُشترى.

الناس تبحث عن بطل وطني يعيد المجتمع العراقي احترامه ويحرره من الشلل الذي اصابه، لكنه لم ياتي حتى الان. وحتى عندما تخرج المجاميع المختلفة تتظاهر، فان حراكها يرتدي الوان الفاسدين، الذين يركبون ظهر الحراك ويديرونه اينما يريدون!

تدرك السلطات جيدًا أنها تتعامل مع مجتمع مشلول، لذلك لا تجد حرجًا في خيانة مصالحه، وتمرير الاتفاقيات المشبوهة، وتوزيع موارد الدولة كغنيمة على جهات أجنبية. والأخطر من كل ذلك؛ أن أغلب الشعب لا يشعر بالخيانة، بل يتقبلها، وأحيانًا يدافع عنها!

الحق يقوم على التغيير، والتغيير لا يتم إلا بضمير حي، وقدرة على الإحساس بالألم، ليترجم الى شعور وطني صادق، إلى إيمان بأن الوطن ليس حفنة تراب، بل كرامة وحق وواجب.

لكن الواقع يقول إن هذه العناصر مفقودة، أو في أحسن الأحوال، محاصرة بصوت مرتفع من الطفيليات التي أمسكت بالسلطة وأدمنت إذلال الناس.

نحن اليوم أمام ظاهرة عراقية بامتياز، مجتمع يئن، لكن بلا صوت.

مجتمع يُجلد، لكنه لا يصرخ. مجتمع يتلقى الطعنات، لكنه لا ينزف.

إنه الشلل الذي زرعه الساسة، وسقاه الإعلام، وباركه رجال الدين، وشرعنته الطوائف، وصار اليوم هوية وطن!

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page