top of page

تقرير رويترز للإعلام الرقمي 2025: الصحافة التقليدية تحت الضغط ازاء صعود الذكاء الاصطناعي والمؤثرين

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 23 يونيو
  • 3 دقيقة قراءة
تقرير رويترز ٢٠٢٥
تقرير رويترز ٢٠٢٥

بارومتر العراق/ ضياء ثابت- خبير منظمة اليونسكو للاتصال والمعلومات


في ظل عالم يشهد اضطرابات سياسية واقتصادية عميقة، وتغيرًا مستمرًا في التحالفات الجيوسياسية، وانهيارًا مناخيًا متسارعًا، وصراعات دامية في مناطق متعددة، يأتي تقرير رويترز السنوي للإعلام الرقمي ٢٠٢٥ ليعكس مفارقة محزنة، ففي الوقت الذي يفترض أن تزدهر فيه الصحافة المهنية والتحليل المعمّق، تُظهر البيانات واقعًا مختلفًا تمامًا.

رغم الحاجة الملحة إلى المعلومات الموثوقة، لا تزال المؤسسات الإعلامية التقليدية تكافح للحفاظ على تواصل فعال مع الجمهور.

يشير التقرير إلى انخفاض عام في معدلات المشاركة، وتراجع الثقة، وركود الاشتراكات الرقمية، خصوصًا في البلدان الغربية.


التحولات في استهلاك الأخبار: من المؤسسات إلى المنصات

يرصد التقرير تراجعًا في استخدام مصادر الإعلام التقليدي – مثل التلفزيون، الصحف، والمواقع الإخبارية – مقابل ارتفاع متواصل في الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات الفيديو. ففي الولايات المتحدة، على سبيل المثال، ارتفع استهلاك الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي بمعدل 6 نقاط مئوية خلال الأسابيع الأولى منذ عودة دونالد ترامب إلى السلطة، دون أن يقابله أي “انتعاش ترامبي” في متابعة المصادر الإخبارية التقليدية.

وتزداد هيمنة المؤثرين وصناع المحتوى الفرديين على النقاش العام. ففي فرنسا، على سبيل المثال، يصل “هوغو ترافيرس” (Hugo Décrypte) إلى 22% من الشباب تحت سن 35 عامًا، بمحتوى يُوزّع أساسًا عبر يوتيوب وتيك توك. وفي الولايات المتحدة، ذكر 22% من المستطلعة آراؤهم أنهم تابعوا محتوى صانع البودكاست الشهير “جو روغان” خلال الأسبوع التالي لتنصيب ترامب.


بيئة إعلامية بديلة… وفرص ومخاطر

التحول السريع نحو المحتوى الرقمي يقود إلى بيئة إعلامية مجزّأة. في أفضل حالاتها، تتيح هذه البيئة صوتًا لوجهات نظر بديلة في البلدان التي تُقيّد فيها حرية الصحافة. لكنها، في الوقت نفسه، تغذي الاستقطاب السياسي وتؤجّج الخلافات عبر الإنترنت. ويكشف التقرير عن فجوة متزايدة بين أوروبا والولايات المتحدة، وبين المحافظين والتقدميين عالميًا، حول حدود حرية التعبير ودور منصات التواصل في الإشراف على المحتوى ومكافحة التضليل.


الذكاء الاصطناعي: تهديد أم فرصة؟

للمرة الأولى، يتناول التقرير أثر منصات الذكاء الاصطناعي وروبوتات الدردشة على الإعلام. ومع توجه شركات التكنولوجيا الكبرى نحو دمج محتوى إخباري مدعوم بالذكاء الاصطناعي، يتزايد القلق بين الناشرين من أن تؤدي هذه الابتكارات إلى تقليص الزيارات لمواقعهم وتطبيقاتهم.

ورغم هذا القلق، تشير النتائج إلى أن الأجيال كافة لا تزال تقدّر العلامات التجارية الإخبارية الموثوقة، حتى وإن لم تستخدمها بنفس الكثافة أو الانتظام السابقين. كما يُسلط التقرير الضوء على إمكانات الذكاء الاصطناعي التوليدي في تخصيص المحتوى الإخباري وجعله أكثر جذبًا، خصوصًا لجمهور الشباب.


البودكاست والفيديو: صعود مستمر

تُظهر البيانات نموًا مطردًا في استهلاك الأخبار من خلال الفيديو والبودكاست. فقد ارتفعت نسبة استهلاك الفيديو الإخباري من 52% عام 2020 إلى 65% في 2025، فيما ارتفع استهلاك أي نوع من الفيديو الإخباري من 67% إلى 75%.

ويحظى البودكاست الإخباري بشعبية لافتة بين الفئات الأصغر سنًا والأكثر تعليمًا، وخصوصًا في الولايات المتحدة. العديد من هذه البودكاستات بات يُصوّر ويُبث عبر يوتيوب وتيك توك، في حين أن أسواق شمال أوروبا ما زالت تُهيمن عليها المؤسسات العامة وشركات الإعلام التقليدي، ما يبطئ تبني النسخ المصورة للبودكاست.


تيك توك: نمو مضطرد ومخاوف متزايدة

برز تيك توك كأسرع المنصات نموًا، حيث ارتفع استخدامها للأخبار 10 نقاط مئوية عالميًا. في تايلاند، يستخدم 49% من مستخدمي الإنترنت المنصة للحصول على الأخبار، وفي ماليزيا بلغت النسبة 40%. ومع ذلك، يرى العديد من المستخدمين أن تيك توك، إلى جانب فيسبوك، يشكل مصدرًا رئيسيًا للمعلومات المضللة.

ويكشف التقرير أن أكثر من نصف المشاركين في الاستطلاع (58%) لا يزالون يشعرون بالقلق من قدرتهم على التمييز بين الأخبار الصحيحة والكاذبة. هذا القلق يتضاعف في إفريقيا والولايات المتحدة (73%)، بينما ينخفض في أوروبا الغربية (46%).


المؤثرون والسياسيون: الخطر الأكبر على الحقيقة

عند الحديث عن مصادر التضليل في العالم الرقمي والمعلوماتي، يشير 47% من المشاركين إلى أن المؤثرين الرقميين يشكلون التهديد الأكبر، يليهم السياسيون الوطنيون. وتصل هذه النسب إلى ذروتها في نيجيريا (58%) وكينيا (59%).


واقع غير متوازن عبر الأسواق

يستند التقرير إلى بيانات من 48 سوقًا على ست قارات، من بينها صربيا للمرة الأولى. ويؤكد أن التغيرات في المشهد الإعلامي ليست موزعة بشكل متساوٍ. فبينما تواجه الأسواق تحديات مشتركة من حيث سرعة التغيير وتدخل المنصات الرقمية، فإن طبيعة التأثير تتفاوت باختلاف حجم السوق، والعادات الثقافية، والعلاقات بين وسائل الإعلام والسياسة.

يرسم تقرير رويترز للإعلام الرقمي لعام 2025 صورة عالمية معقدة لإعلام يتغير بسرعة – إعلام تقليدي يفقد مكانته تدريجيًا، ومنصات جديدة تُشكّل وعي الجمهور وتوجهاته، وسط قلق متزايد من التضليل، وسعي دائم للحفاظ على الحقيقة في عالم يغرق في الضجيج الرقمي.

للاطلاع على التقرير:


©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page