top of page

جمهورية الرؤساء بلا دولة!

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 5 سبتمبر
  • 2 دقيقة قراءة
ree

بارومتر العراق/ كتب ضياء ثابت-

في إحدى الرحلات، وبينما كانت الطائرة تعبر الغيوم ببطء مملّ، وكنت حينها برفقة مسؤول أممي بارز، قرر أن يفضفض عن دهشته، فقال: “لم أرَ في حياتي بلداً يضم هذا العدد من الرؤساء سوى العراق!”

فالعراق اليوم ليس جمهورية واحدة، والحديث له، بل هو خيمة تجمع حملة القاب رئيس، كما هو حال القاب الدكتوراه.

وبالفعل فاذا ما فتشنا سنجد ان رئيس في الحكومة، رئيس خارج الحكومة، رئيس أسبق، رئيس سابق، رئيس لاحق، ورئيس إلى الأبد. حتى من فقد كرسيه، لم يفقد لقب “سيادة الرئيس”، وكأن الكرسي يورّث بالجينات ويُحفر على جدران بيوتهم.

ولم يقف الأمر عند الساسة، بل تسللت “عدوى الرئاسة” إلى عمق المجتمع، حتى بات كل شيخ عشيرة اصلي او (٥٦) يعرّف نفسه بـ “الأمير”. وكل مسؤول مجموعة محلي يوقّع بياناته بـ “الرئيس الأعلى”. وحتى من يملك مقهى شعبي صار يُلقب “الرئيس التنفيذي للاراكيل والمعسل”.

وهكذا لم يعد المواطن العراقي يعرف كيف يخاطب جاره: هل يقول له “أخي العزيز”، أم “سيادة الرئيس”؟

وباتت عبارة ( تفضل ريس) شائعة في نقاط التفتيش خصوصا إذا كانت المركبة دفع رباعي حديثه! .

الطريف أن الرئاسة في العراق ليست مجرد لقب، بل هي بوابة مفتوحة على خزائن الدولة، حمايات مدججة بالسلاح لحماية الرئيس، سيارات مصفحة تقطع الشوارع العامة ليبقى الرئيس وحيداً على الطريق، رواتب وامتيازات تبقى حتى بعد أن يرمى الكرسي نفسه في المزبلة، قصور ومنازل تتحول إلى “مقرات رئاسية” خاصة.

والمضحك المبكي أن كل “رئيس” يطالب الشعب بالصبر والتقشف، بينما حاشيته تسهر ليلاً على توزيع المناصب والامتيازات، وكأن الشعب مجرد ديكور في مسرحية عبثية عنوانها: (الجميع رؤساء… ولا أحد مسؤول).

إنها حقاً عبقرية عراقية نادرة، بلد بلا كهرباء، بلا ماء، بلا استقرار… لكنه يفيض بالرؤساء حد الإسهال. فلو اجتمع كل هؤلاء الرؤساء في قاعة واحدة، لاحتاجوا إلى ملعب كرة قدم.

قد يقول قائل: “وماذا عن الشعب؟”

الحقيقة أن الشعب بدوره بدأ يتأقلم مع “وباء الرئاسة”، فكل مواطن يحلم بيوم يصبح فيه رئيساً هو الآخر. وربما لا يطول الزمن حتى نجد بطاقة التموينية مكتوب عليها “السيد المواطن، الرئيس القادم”.

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page