عجلات الحملة الانتخابية: الكسب والانتشار الانتخابي بالذكاء الاصطناعي
- KDTS
- 11 أغسطس
- 3 دقيقة قراءة

بارومتر العراق/ كتب ضياء ثابت خبير اليونسكو-
في عالم السياسة، لا تكفي النوايا الحسنة أو الشعارات الجذابة للفوز بالانتخابات. فوراء كل نجاح انتخابي كبير تقف منظومة معقدة من الاستراتيجيات، التخطيط الدقيق، والتنفيذ المحكم. وغالبًا ما يُخطئ الكثير من العاملين في الحقل السياسي، من المبتدئين وحتى الخبراء، في التمييز بين "الدعاية الانتخابية"و"الحملة الانتخابية" والخلط بينهما فيجعلون الدعاية تمتطي الحملة!.
وكثيرًا ما يُظن هؤلاء أن الهوية البصرية للمرشح – الشعار، اللون، الصورة، الإعلانات – هي المحرك الرئيسي للفوز، فيُركَّزون عليها بشكل مفرط، بينما تُهمل عناصر أساسية تُشكّل جوهر الحملة الحقيقية للانتخابات.
لكن الحقيقة أن الحملة الانتخابية ليست دعاية فقط. الدعاية جزء منها، بل مجرد طبقة سطحية في منظومة أوسع وأكثر تعقيدًا. والتشبيه الأنسب هو أن الحملة الانتخابية كمركبة تتحرك في سباق، وتحتاج إلى أربع عجلات لتُكمل طريقها. هذه العجلات الأربع هي الأركان الأساسية التي لا يمكن للحملة أن تسير دونها، وإذا تعطلت واحدة منها، توقفت المركبة، مهما كانت جودة تصميمها أو قوة علامتها التجارية.
دعونا نبدأ رحلة التفكيك والاستكشاف للحملة الانتخابية من خلال العجلة الأولى وهي فريق الانتشار والكسب الانتخابي.
في قلب أي حملة انتخابية ناجحة يقع ما يُعرف بـ"فريق الانتشار والكسب"، وهو ليس مجرد مجموعة من المتطوعين أو المندوبين، بل "وحدة تشغيلية استراتيجية" يفترض ان تعمل باستقلالية ممنهجة عن فريق إدارة الحملة، وعن فريق إنتاج المحتوى الدعائي.
لا يُمكن توظيف اعضاء هذا الفريق بالصدفة، ولا يُختار بناءً على العلاقات العائلية أو الصداقات ولاحتى البناء الحزبي. إنه فريق يُبنى وفق منهجية علمية قوامها تحليل دقيق وبيانات دقيقة وفق (معادلة: التأثير × الوصول / الديموغرافيا = متغير الكم الصوتي).
هذا الفريق لا يُبنى على الحظ أو الحماسة، بل على معادلة حسابية تُقدّر امكانية ومهارة كل فرد على تحقيق تأثير حقيقي في دوائر انتخابية محددة.
> التأثير × الوصول ÷ الديموغرافيا=متغير الكم الصوتي
التأثير، يمثل قدرة عضو هذا الفريق على إقناع الآخرين للوصول إلى عدد الناخبين مباشرة أو عبر شبكة علاقاته بشكل غير مباشر، مستهدفا الديموغرافيا للدائرة الانتخابية المستهدفة وفق (العمر، الجنس، الطبقة، التعليم...).
عند تطبيق هذه المعادلة، يُصبح اختيار الفريق عملية علمية، لا عاطفية. ان هذا الفريق خطير جدًا إذا تم اختياره بشكل خاطئ، فقد ينقلب السحر على الساحر، وينقلب الزحف الانتخابي من إيجابي إلى سلبي بسرعة قياسية.
كيف يُدرّب فريق الانتشار؟
الذكاء الاصطناعي كحليف استراتيجي
لإدارة هذا الفريق بكفاءة، لم يعد يكفي الاعتماد على الاجتماعات العشوائية أو الملاحظات اليدوية. اليوم، تُستخدم منصات رقمية متطورة تعتمد الذكاء الاصطناعي التنبؤي لضبط عمليات الانتشار والكسب الانتخابي وبدقة عالية.
إحدى هذه الأدوات هي تاسيس منصة رقمية مفتوحة المصدر متخصصة، تُبنى وتُنشر على GitHub، وتُصمم خصيصًا لحملات انتخابية معينة. ما يميزها أنها تعتمد على خوارزميات حرة مؤقتة– تُبرمج خصيصًا للمهمة، ثم تُمحى رقميًا بعد انتهاء الحملة، لمنع استغلالها مستقبلًا.
وتُسمّى هذه الأداة بـ EGSAI
(Electoral Gain and Spread by Artificial Intelligence)
ماذا تحتوي منصة EGSAI
المنصة تُغذّى بمجموعة من البيانات الأساسية، تشمل:
- المحطات والمراكز الانتخابية
- المرشحون المنافسون
- معامل سانت ليغو
- أنواع الناخبين (ثابتين، مترددين، معارضين)
- الخطافات الانتخابية (القضايا المحركة)
- الموارد المتاحة (بشرية، مالية، لوجستية)
ثم تبدأ عملية تشغيل الخوارزمية في "تلغيم" المنصة – أي ربطها بحسابات التواصل الاجتماعي لصفحات المرشحين، حسابات الموظفين، ومجموعات الناخبين، الخصوم ، البيانات الانتخابية الخ.
الداشبورد الذكي: عينك على الأرض، وطموحك نحو النجاح
عند تشغيل المنصة، يظهر داشبورد تفاعلي يُقدّم:
- مؤشرات حية لانتشار الرسائل الانتخابية والدعايات والدعايات وثباتها
- تحليلات تنبؤية لنسب الكسب الانتخابي ومؤشرات الإنجاز
- توجيهات تلقائية للفريق، من يتحدث مع من؟ متى؟ أين؟
- سيناريوهات افتراضية "ماذا لو؟"
النتيجة ستكون بلا ادنى شك قرارات دقيقة، تُتخذ في الوقت المناسب، وتنفذ بفعالية. وتصل دقة التنبؤات في بعض الحالات إلى 80% فأكثر– وهو رقم تخميني يُحسد عليه أي فريق انتخابي.
من يدير هذه الآلة
رغم الانطباع بان هذه المنصة معقدة بنظامها، إلا ان الواقع اثبت انها لا تحتاج إلى فريق ضخم لأدارتها، شخص واحد مدرب على تحليل البيانات وتوجيه الذكاء الاصطناعي، أو ثلاثة مدرّبين متخصصين في توليف البيانات واتخاذ القرار بمقدورهم تشغيلها.
الأهم أن يكونوا قادرين على فهم التكنولوجيا وعلم السلوك الانتخابي. ان الدعاية الانتخابية مهمة، لكنها ليست الحملة. الفوز لا يُبنى على شعار جذاب أو فيديو مؤثر، بل على منظومة متكاملة من العجلات الأربع، أولها – كما ناقشنا – فريق الانتشار والكسب.
هذا الفريق هو الجسر بين المرشح والناخب، بين الرسالة والتأثير، بين الحلم والواقع. وعندما يُدار بمنهجية، ويُدعم بتقنيات ذكية مثل EGSAI، يتحول الفريق من مجرد أداة تنفيذ إلى محرك استراتيجي للنصر.
في الجزء القادم، سننتقل إلى العجلة الثانية من الحملة الانتخابية، ونكشف كيف تُبنى آلة الزحف الانتخابي.
انتهى.