top of page

فوضى البوسترات المبكرة… حينما تتحول شوارع العراق إلى مرآة للسلطة!

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 12 أغسطس
  • 2 دقيقة قراءة

لافتات انتخابية مبكرة
لافتات انتخابية مبكرة

بارومتر العراق/ ابو ضي-

ما ان أعلنت مفوضية الانتخابات عن ارقام الكيانات الانتخابية حتى هرع أثرياء الكيانات الانتخابية لتعليق لافتاتهم على جسور وزوايا شوارع بغداد والمحافظات، علما ان مفوضية الانتخابات قالتها بصراحة "ان إعلان الارقام الخاصة بالمرشحين لا يمنحهم الحق ببدء الدعايات الانتخابية"!

سباقٍ انتخابيٍّ لم يُقرَع جرس بدايته بعد، وماراثون الأحزاب الحاكمة في العراق التي تستبق التصويت بالتموضع البصري… فنشهدُ المدن تتشح بلافتاتٍ ضخمة، وصورٍ مُحكمة الإخراج لرموز سياسية بعضها يبتسم في وقار، وبعضها يختبئ خلف رمزية دينية، وآخرون يقفون في صمتٍ ناطقٍ فوق الأرصفة والجدران واللوحات الإعلانية المعلقة في الهواء.

او يأتيك احدهم بفكرة (الصدمة الانطباعية) عبر تعليق لافتة تحمل عبارة "من تعتمد عليه"!. دعايات تخلو من رسائل عملية واقعية لحل أزمات الوطن، تركز على الألوان، والزوايا، وشاعرية الصورة…! وكأن الناس لا تعرفهم!.

من بغداد إلى البصرة، من نينوى إلى ديالى، نرى صورة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وهي تحل محل لافتات القمة العربية عل جسور الطرق السريعة حيث انفقت مبالغ طائلة. استبدال ذكيّ للرسائل الرمزية، وكأن القمة انتهت، وحلّ محلها وجه الدولة ذاته. الوجه الذي يُراد له أن يُرى كرمزٍ للاستمرارية، للشرعية، للثبات. ولافتات الحلبوسي وهو يطلق على نفسه "أمة"! والخنجر ومثنى السامرائي وهو منتفخ بشكل غير طبيعي!. كوادر شركات الدعاية والأحزاب تلك اضافت عبئاً جديدا لشوارع المدن، وهي تخوض صراعاً الوصول إلى افضل النقاط الحيوية في بغداد والمدن الاخرى، حيث يتداخل النفوذ السياسي مع هيمنة البلديات والأجهزة الخدمية، التي باتت تُستخدم بذكاء مضاد لإزالة بعضها بذريعة “المخالفات”، في مشهد يُثير الشك أكثر مما يُنظّم المشهد الدعائي.

أما قيس الخزعلي، فقد دخل السباق بهدوءٍ لا يخلو من القوة. خلفية خضراء داكنة، ترميزٌ دينيّ، حضورٌ رمزيّ كثيف يريد أن يخاطب الوجدان المذهبي والجمهور الطائفي بمزاج ديني. في حين تبقى صور مقتدى الصدر وعمار الحكيم حاضرة باستمرار، ليس فقط كدعاية، بل كامتداد لزمن سياسي طويل بات جزءاً من ذاكرة الشارع العراقي وهما يضعان صور اسلافهم المراجع. المالكي، العامري، الفياض وآخرون يتناوبون الحضور… كلٌّ يُجيد اللعب داخل إطار “المألوف”، لكن بمقاساتٍ جديدة من بينها عبارة "ثقة الزعيم".

هذه ليست دعايات انتخابية فحسب… بل هي معركة انطباعية بكل ما تحمله الكلمة من عمق. إنها فقاعات بصرية تُلقى في وجه المواطن كي تنفجر داخل ذهنه، وتترك أثراً لا يُمحى بسهولة. المواطن هنا لا يختار، بل يُغمر، يُحاصر، يُعاد تشكيل ذائقته البصرية والسياسية قبل أن يُدعى لقول كلمته.

في الواقع، لم تعد الصورة وسيلة تعريف، بل وسيلة تمكين. الأحزاب تدرك أن الصورة هي الأداة الأشدُّ نعومة والأكثرُ تغلغلاً في الوعي. ولهذا لا تعبأ كثيراً بمن لا يقرأ برامجها، أو لا يحضر مهرجاناتها؛ يكفي أن تسرق منه لحظة نظر وهو يعبر الطريق، أو يتوقف في ازدحام، لتبث إليه رسالتها.

لكن وسط كل هذا الطوفان البصري، تبقى المسألة الكبرى، هي إلى أي مدى يمكن لهذا التزاحم أن يؤثر فعلاً على اختيارات الناس؟ وهل سيبقى العراقي متلقياً ساكناً لما يُفرض عليه من صور، أم أنه بدأ يميز بين الصورة والواقع، بين الإطار والجوهر، بين البوستر والحقيقة؟

ربما يكون الأمل الوحيد في الفرز الذهني المتأخر الذي يأتي بعد امتلاء الذاكرة، حينما تبدأ المقارنة بين ما عُرض وما يُعاش. عندها فقط، يُولد السؤال: هل تكفينا الصورة؟ أم آن الأوان لنبحث عن المعنى خلفها؟

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page