top of page

كراسي السلطة في العراق زلقة وتحب المنقلبين!

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • 10 أغسطس
  • 2 دقيقة قراءة
صراع الكرسي
صراع الكرسي

بارومتر العراق/ كتب ضياء ثابت-

تشكلت الممارسة السياسية في العراق على قاعدة راسخة تكاد تكون عرفاً غير مكتوب تمثلت بإقصاء “العرّاب” أو الحاكم الأسبق، ومحاولة ترسيخ النفوذ والحفاظ على كرسي الحكم لأطول فترة ممكنة. هذه الظاهرة ليست وليدة مرحلة ما بعد عام 2004، بل هي امتداد لإرث طويل سبق حتى قيام الجمهورية العراقية.

واذا ما توغلنا قليلا في تاريخ العراق الحديث وتحديدا منذ العام 1958، عندما أطاح عبد الكريم قاسم بالنظام الملكي الذي كان هو نفسه أحد ضباطه، معلناً بداية عهد جديد. لكن ما لبث أن شهدنا المشهد ذاته يتكرر حين أقصى عبد السلام عارف، صاحبه الذي جاء به، ليعتلي سدة الحكم. وتواصلت سلسلة الانقلابات السياسية حتى وصل صدام حسين إلى السلطة، بعد أن أزاح أحمد حسن البكر الذي كان شريكه وراعي صعوده.

ومع دخول العراق مرحلة ما بعد 2004، تغيّر النظام السياسي شكلاً، لكن جوهر ممارسة الإقصاء بقي كما هو. فقد أزاح نوري المالكي رئيس حزبه إبراهيم الجعفري، الذي مهد له الطريق إلى رئاسة الوزراء، ثم انقلب على التيار الصدري الذي منحه أصوات نوابه لدورتين متتاليتين. جاء بعده حيدر العبادي، الذي كان عضواً في حزب الدعوة ومقرباً من المالكي، لينتزع السلطة من رئيسه الحزبي بحنكة وبدعم داخلي وخارجي.

اليوم يتكرر المشهد مع محمد شياع السوداني، الذي صعد بفضل دعم المالكي وثقته، وتولى مناصب مرموقة بترشيح مباشر منه، قبل أن ينقلب عليه، ويؤسس لنفسه حزباً مستقلاً، ويبدأ بترسيخ نفوذ خاص يبتعد شيئاً فشيئاً عن مرجعيته السياسية السابقة. ومع ذلك، فإن المعادلة السياسية تعلمنا أن السوداني نفسه لن يقف على كرسي الحكم طويلاً دون أن يتذوق طعم الإقصاء، وربما على يد أحد المقربين منه أو من داخل تحالفه السياسي.

يتمحور الصراع السياسي اليوم بشكل رئيسي بين قطبين في الاطار التنسيقي، أولهما المالكي، الذي يوشك أن يفقد سطوته وسط تراجع نفوذ شيوخ وكهول العملية السياسية العراقية، وثانيهما السوداني، الذي يسعى لتثبيت قواعد ولاية ثانية عبر تحشيد دعم واسع لمشروعه داخليا مع القوى السياسية الأخرى ومن خلال القوى الدولية. في الوقت نفسه، تلوح في الأفق علامات لبروز نخب سياسية جديدة، أكثر انسجاماً مع الخطط الأمريكية والبريطانية، وهي مستعدة لوراثة السلطة في أي لحظة مناسبة.

إن ما نشهده ليس مجرد تنافس على النفوذ، بل هو امتداد لتراث سياسي قائم على منطق القوة والفرصة والانقلاب على الحلفاء قبل الخصوم. وهذا الإرث، الذي تأسس في لحظة سقوط النظام الملكي، ما زال يحكم المشهد العراقي حتى اليوم، ليجعل من السلطة مقعداً زلقاً لا يثبت عليه أحد طويلاً، مهما كان نفوذه أو حجم دعمه.

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page