مرشح يرتدي السلطة الحكومية ومرشح اعزل في سباق الانتخابات
- KDTS
- 7 أغسطس
- 2 دقيقة قراءة

بارومتر العراق/ ابو ضي-
في كل دورة انتخابية، تتكرر المسرحية ذاتها، مرشحون يأتون إلى ساحة التنافس وهم محاطون بهالة المنصب، مزودون بأدوات الدولة، مدعومون بقوة الوظيفة العامة، يقودون الوزارات أو يجلسون على كراسي البرلمان، بينما ينافسهم مرشحون لا يحملون سوى أفكارهم وسيرهم الذاتية وأحلامهم المحمّلة بطموحات التغيير.
هذا ليس سباقًا ديمقراطيًا، بل هو مضمار غير متكافئ، يركض فيه أحدهم على قدميه العاريتين، فيما يمتطي الآخر سيارة الدولة، أو يركب قاطرة السلطة، أو يحلّق بطائرة التأثير الإداري والنفوذ الوظيفي. أي إنصاف في هذا؟ وأي عدالة ننتظرها من عملية انتخابية تُدار على هذا النحو؟
حين يُترك الوزير ليخوض الانتخابات وهو لا يزال يوقّع قرارات النقل والتعيين، ويوزع الوعود تحت غطاء “الخدمة العامة”، وحين يُسمح للبرلماني أن يحوّل جلساته الرقابية إلى منابر دعائية، وللمدير العام أن يوجه موظفيه للالتزام الصامت بولاء انتخابي، فلا جدوى من التفاخر بديمقراطية شكلية لا تعرف الحياد الإداري، ولا تحترم مبدأ تكافؤ الفرص.
لقد عجزت الحكومات المتعاقبة، ومعها الجهات المعنية بتنظيم الانتخابات، عن وضع حدود فاصلة بين الوظيفة العامة والعمل السياسي. لم يُفعل مبدأ “التحييد المؤسسي”، ولم تُلزم القوانين التنفيذية المرشحين الرسميين بتعليق صلاحياتهم أو الانسحاب من مناصبهم قبل دخولهم ساحة التنافس.
السكوت عن هذا الخلل التنظيمي، هو تواطؤ معلن مع اللاعدالة. وهو قبول ضمني بأن الديمقراطية يمكن أن تُختطف في وضح النهار، لا عبر صناديق مزورة، بل عبر أدوات سلطة مشروعة تُستخدم لأغراض غير مشروعة.
ليس من العدل أن تُترك المرشحة العزلاء، أو المرشح المستقل، في مواجهة ماكينة السلطة المتغولة، وأن يُطلب منهما أن يُقنعا الجمهور، وهما لا يملكان سوى خطابات الأمل، في حين يوزع منافسوهم الوظائف والامتيازات والتأشيرات والرواتب والتسهيلات.
نحن أمام تشويه متواصل لقواعد التنافس الانتخابي. وأمام ضعف فاضح في آليات الضبط الانتخابي التي كان يفترض بها أن تحمي “الناخب” من تضليل السلطة، و”المرشح الحر” من قمع النفوذ.
إن إصرار مفوضية الانتخابات على الصمت، وميلها أحيانًا إلى تبرير وجود المسؤولين في قوائم الترشح دون تحييد إداري، يُعدّ رضوخًا لضغط السلطة، وتغاضيًا عن مبدأ دستوري واضح "أن الشعب وحده مصدر الشرعية، لا الكرسي".
لقد آن الأوان لتصحيح هذا المسار، لا بتجميل قوانين، بل بوضع ضوابط صارمة تُجبر كل من يتقدم للترشح وهو يشغل منصبًا حكوميًا أو تشريعيًا أو إداريًا، على تجميد سلطاته فعليًا، لا شكليًا.
فمن غير المعقول أن تتغنى الدولة بنزاهة الانتخابات، وهي تُجري سباقًا غير متوازن، يُقصى فيه الفقير، ويُتوج من بيده مفاتيح السلطة.
انتهى.