top of page

هل يستطيع العراق إطلاق خدمة 5G

  • صورة الكاتب: KDTS
    KDTS
  • قبل يوم واحد
  • 2 دقيقة قراءة

ree

بارومتر العراق/ كتب ضياء ثابت خبير اليونسكو للاتصالات والمعلومات والذكاء الاصطناعي-

تعد تقنية الجيل الخامس (5G) حديث العالم الرقمي ومحورًا للتنافس التكنولوجي بين الدول والشركات الكبرى. فهي لا تمثل مجرد سرعة إنترنت فائقة، بل تعد ثورة شاملة في البنية التحتية الرقمية، تمتد آثارها إلى الاقتصاد والصحة والتعليم والصناعة، وحتى إدارة المدن الذكية.

وامام تصريحات الحكومة العراقية موخرا حول قرب إطلاق خدمات الجيل الخامس في العراق، يبقى السؤال المطروح اليوم هل يمكن للعراق أن يطلق 5G، رغم أن بنيته التحتية ما زالت تعتمد على بروتوكول الإنترنت القديم (IPv4)؟


5G إشكالية بروتوكولات الإنترنت

من الجانب التقني يمكن تشغيل 5G بالاعتماد على IPv4، لكن هذا الخيار ليس مثاليًا ولا مستدامًا وفيه الكثير من الخسائر المادية للحكومة والمستخدمين من عامة الناس فضلا عن القطاع الخاص الذي يفترض به أن ينتقل هو الآخر إلى مساقات الانتفاع من خدمات الجيل الخامس 5G.

فالجيل الخامس صُمم ليعمل بكفاءة وإنتاجية مع IPv6، البروتوكول الحديث الذي يفتح الباب أمام مليارات الأجهزة للاتصال المباشر بالشبكة دون الحاجة إلى حلول ترقيعية مثل NAT ( ترجمة عنوان الانترنت).

وحيث ان IPv4 محدود يوفر 4.3 مليار عنوان فقط، وقد استُهلك معظمها عالميًا، وكون 5G ضخم يفتح المجال أمام تريليونات الأجهزة في إنترنت الأشياء (IoT) من السيارات الذكية إلى أجهزة الاستشعار الطبية والخدمات الامنية الرقمية الخ. يعطي IPv6 افقا رقميا لا محدود تقريبًا يقدم 340 تريليون تريليون عنوان، ويجعل الاتصال أكثر سرعة وأمانًا.

من هنا يمكن للعراق أن يبدأ بـ5G عبر IPv4، لكنها تبقى خدمة للظهور الإعلامي والتباهي ليس إلا. وعلى الحكومة أن تضع في اعتبارها أن المستقبل لا يمكن أن يبنى إلا على IPv6.


العراق و5G: الإمكانات والعقبات

من العقبات الأساسية التي تعيق إطلاق هذه الخدمة هو ان الجيل الخامس يحتاج ترددات جديدة وتخصيص نطاقات مثل 3.5 غيغاهرتز و26–28 غيغاهرتز. وكذلك الألياف الضوئية القوية، كونها تعد العمود الفقري الذي يحمل البيانات بسرعات هائلة. وهنالك عقبة اخرى هي المحطات الصغيرة 5G التي تمتاز بتمرير خدمات الاتصال بكثافة أعلى من محطات 4G الموجودة في المدن العراقية حاليا.

شبكة النواة الحديثة من بين العقبات كونها تعتمد على الحوسبة السحابية والتقنيات الافتراضية (SDN/NFV) وهذه غير متاحة في قطاع الاتصالات العراقي. واخيرًا أجهزة متوافقة من الهواتف إلى أجهزة إنترنت الأشياء. وبما ان سوق العراق من جهة سوق الأجهزة الرقمية وباقي الأجهزة غير متوافق فإن الحديث عن الجيل الخامس ليس اكثر من حديث مقاهي وان تم إطلاقه محليا.


ما هو واقع قطاع الاتصالات في العراق؟

البنية التحتية للألياف ما زالت محدودة، وهيئة الإعلام والاتصالات لم تُعلن بعد عن مزادات رسمية لترددات 5G. في وقت ما زالت فيه شركات مثل زين وآسيا وكورك عند مستوى 4G، واعتماد IPv6 غائب كليا، في حين أن معظم الشبكات ما زالت تعتمد IPv4. ان الاستثمار في مشاريع ضخمة كهذه لم تكن واقعية وانما ترقيعية وفيها من المحابات ما سمح بان تحتكر بعض الشركات القليلة سوق الاتصالات والإنترنت في العراق منذ ٢٠٠٦ وحتى الان.


طريق العراق إلى المدن الذكية

قد يبدو الحديث عن 5G في العراق رفاهية في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية، لكن الواقع أن هذه التقنية ليست مجرد “إنترنت أسرع”. إنها أساس للاقتصاد الرقمي، وركيزة للصحة والتعليم والأمن والحوكمة الإلكترونية.

العراق يستطيع أن يطلق 5G حتى بوجود IPv4، لكن ذلك سيكون مجرد “جسر مؤقت”. فإذا أراد أن يبني مستقبلًا رقميًا قويًا، فعليه أن يسرع بالانتقال إلى IPv6، ويضع خططًا وطنية واضحة للانتقال من الاستهلاك الرقمي إلى الإنتاج والابتكار الرقمي. العراق يحتاج إلى ترددات، ألياف ضوئية، شبكة نواة حديثة، واستقرار تنظيمي. الاستثمار في 5G هو استثمار في الأمن الاقتصادي والسيادة الرقمية.

انتهى.

©2025 by IRAQI-BAROMETER. 

bottom of page